للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيوبيد وهرمونيا، فاختبأ في أبراج الهيكل، ولبثوا ينظرون إلى الملأ ويعجبون.

وأرسلت فينوس عينها الفاحصة في الملأ، فرأت لياندر العاشق يرنو إلى هيرو الراهبة، وتكاد عيناه تلتهمانها التهاماً؛ ولاحظت أن هيرو منصرفة عن الفتى المسكين لا تكاد تعيره نظرة، ولا تمنحه التفاتة، وهو مع ذاك مشرئب إليها، ينظر نظرات كلها عبادة وعيناه مغروقتان بدموع تكاد تنهمر

وتحرك حنان الحب في فؤاد ربة الحب، وأقسمت لتعاونني في هذا المشروع الغرامي العظيم!!

وذلك أن فينوس لم تكن تجيد الحب لنفسها فقط، بل كان يثلجها ويملؤها غبطةً أن ترى إلى عبرات المحبين، وتسمع إلى رنين القُبل في شفاه العاشقين؛ فأشارت إلى ولدها كيوبيد - رب الحب، وصاحب السهام الذهبية والقوس ذات الوتر العُرد - فأقبل عندها، وألقت إليه أوامرها. . .

فوتر كيزبيد قوسه، وتخيّر واحداً من سهامه، وأنتهز فرصةً من هيرو كان نظرها متجهاً فيها إلى لياندر، وأرسل إلى قلبها السهم الذي يحمل رسالة الحب، فدخله غير مستأذن، وملأه لوعةً وصبابة. . . وجُنَّت للحظتها بالفتى. . .

وتخبر كيوبيد سهماً آخر، وأرسله هدية حارةً، دامية، إلى فؤاد لياندر. وما كاد يستقر فيه، حتى أحس الفتى أنه لم يغد واحداً من هذه الأجسام الفانية الهالكة بعد، بل هو قد صار طيفاً نورانياً؛ وأحس مع ذاك بحب غمرٍ لم يكن له به عهد من قبل، جعله يفنى فناءً تاماً في هيرو الراهبة، التي نظر فألفاها تلتهمه هي الأخرى بعينيها وقلبها التهاماً!!. . .

لله يا حب ما أجملك، وما أبر فينوس بعبادتك!. . .

ودلف لياندر نحو المنصة، وتمتم بكلماتٍ خافتةٍ، (كأنما هي بَثُّ الورد للمطر!) يفهمها المحبون وحدهم، حين يتكلمون بأطراف الشفاء والعيون؛ فعلمت هيرو أن حبيبها يُقرئها حبه، ويسرُّها هيامه، ويرجو منها أن تمنحه ميعاداً يلقاها فيه على حدة، ويعبدها خلاله على انفراد.

وارتبكت هيرو، وتصارع في نفسها الخوف والحب؛ الخوف من أن يلحظ أحد راهبة فينوس تصبو، وبذلك يهوى احترامها إلى حضيض السخرية، والحب الذي تكتمه في

<<  <  ج:
ص:  >  >>