للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الناس ولا يجيبون سؤاله فيموت جوعاً. وأن كان السارق امرأة فلتبق عاقراً إلى الأبد، وليسيء زوجها معاملتها، وليهجرها بنوها، ولتصب بأمراض لا شفاء منها.) ويظهر قدماء الإغريق كانوا يلجئون إلى أمثال هذه الأدعية والابتهالات لحفظ أموالهم، فكانوا يكتبونها على ألواح خاصة يضعونها في الأمكنة التي يراد حمايتها، ولا يزال بعض هذه الألواح باقياً إلى اليوم. وقد استخدموا هذه الأدعية كذلك في إرغام السارق على الاعتراف بسرقته، وهذا ضرب من وسائل التحقيق أن عيب بخرافته فهو يمتاز بسهولته. أما الرومان فقد ذهبوا إلى ما هو ابعد من ذلك، واعتقدوا أن هناك آلهاً خاصاً يتولى حراسة الحدود بين الحقول المتجاورة، فكل من اعتدى على جاره كان عرضة لسخط هذا الإله العظيم. ويخيل إلينا أن إله الحدود هذا يفسر ما كان عليه الرومان الأول من عناية بالزراعة وشؤونها. وجملة القول أن الخوف الناشئ عن أسباب خرافية صرف الناس عن السرقة في كثير من الشعوب القديمة ولدى القبائل الهمجية المعاصرة، فنتج عن هذا احترام للملكية الفردية وأمن مكمن المالك من الانتفاع بها. ولا يفوتنا أن نضم إلى الملاحظات السابقة ما نشاهده بيننا من أثر الخرافة في حفظ المال والمتاع. فالعجل إن قيل أنه (للسيد) قضى الليل والنهار في الحقل وخارج الدار دون أن يصاب بأذى، وأن كان من عجول عباد الله الآخرين أضحى عرضة للسرقة والنهب والسم والذبح. وكيف لا (والسيد) الذي جاء بالأسير من بلاده كفيل بأن يحمى ماله غائباً أو شاهداً، حيا أو ميتاً! ولا أضننا نجهل الأحلام المتواترة والقائلة بأن فلاناً رأى (الإمام) مثلاً يطارده طوال الليل، لأنه، فيما يزعمون، لم يوف بنذر نذره له من قبل. وما أشنع هذا الزعم الذي يناقض أصلاً من أصول الدين، ويسمح بالتقرب إلى غير الله، وقد وصل الأمر ببعضهم أن ادعوا أن هذا البلد بلد (الدسوقي)، والآخر ملك (البهنساوي)، والثالث من نصيب (العريان)، ويعنون بذلك أن كل واحد من هذه الأمكنة دخل في حوزة حارس أمين وحام عظيم. فلم يكن بدعاً أن تلجأ طائفة من الناس إلى نقل ملكيتهم - إن صح هذا التعبير - ولو ادعاء إلى بعض الأولياء والمقربين ليحفظ مالهم من الضياع. أما التمائم والرقى فتعمل فيها ما شئت، وحدث عنها ولا حرج: فتارة يقال أن هذه التميمة تحفظ من السرقة والغرق والحرق، وأخرى يظن أن هذه الرقية ما تلبث في دار إلا أمنت كل مكروه، وعل عادة وضع التماسيح على الأبواب تعتمد على خرافة من الخرافات

<<  <  ج:
ص:  >  >>