للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غير أن هناك مأخذاً واحداً، هو أن أبطال تلك المسرحية هم دائماً أبداً فوق المستوى الاجتماعي العادي

الدرامة الرومانية:

لم تتقدم (التراجيدية) عند الرومان عما كانت عليه عند أسلافهم الإغريق - إن لم تكن قد انحطت وضعفت؛ أما في (الكوميدية) فقد كتب الناقد اللاتيني (دوناتس) ما يدهش له أقطاب المذهب الواقعي الحديث، قال: (الكوميدى هي مرآة الحياة البشرية) - وهو يذكر في موضع آخر أن (الكوميدية) تصف أشخاصاً معينين تتكون حياتهم من حوادث بسيطة عادية، في حين أن (التراجيدية) تختار لمسرحها قاعات الملوك الذين تتكون حياتهم من حوادث جسام ذات أثر خطير. وقد أصبحت مطابقة (الكوميدية) الرومانية للحياة والواقع أمراً مشهوراً عند كل من قرأها، فأسلوب كاتبيها (ترنس) و (بلوتس) هو أقرب أساليب الآداب القديمة إلى اللغة اليومية، كما أن جل أبطالها هم من الطبقة الوسطى، وحوادثها بسيطة عادية قد تقع كثيراً للقارئ أو للمشاهد في حياته الخاصة

إلى هذا الحد كانت (الكوميدية) الرومانية تطابق الواقع، غير أنا نشاهد فيها اتجاهاً غريباً يتنافى مع صبغتها الواقعية - وأعني به (تصنيف الشخصيات) - وينحو هذا الاتجاه نحو اختيار مثل خاص لكل شخصية من الشخصيات. فللابن مثل خاص معروف به لدى كل كتاب المسرح ورواده - كذلك لكل من العبد والأب والعاهر وكل شخصية يتكون منها المسرح مثل خاص؛ فلكل منهم أحاديث خاصة، وملابس خاصة، وصفات خاصة يعترف بها الجميع، حتى أن لونهم الإنساني وصبغتهم الواقعية تكاد تكون معدومة على المسرح

الدرامة الإنجليزية في عصر شكسبير:

ازدهرت الدرامة في هذا العصر بأنواعها الثلاثة: التاريخية والبيتية والشعرية أو الغرامية. أما النوع الأول فقد سبق أن تحدثنا عنه وسنتحدث الآن عن اللون الواقعي في كل من النوعين الآخرين

يحسب الكثير من الناس أن الشعر يتعارض مع الحياة والواقع، وأن القصة الشعرية يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن الحياة، وخالية كل الخلو من اللون الواقعي؛ غير أن هذا الظن

<<  <  ج:
ص:  >  >>