للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم أن الفقه الروماني هذا قد عمل به بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية في روما، وبعد وفاة الإمبراطور جوستنيان، وبعد سقوط الإمبراطورية البيزنطية، وهذا أمر لم يختلف فيه العلماء المؤرحون. فبلاد فرنسا الجنوبية ظلت خاضعة لأحكام الفقه الروماني بصفة حقوق عرفية حتى قبيل الثورة الفرنسية. هذا عدا البلاد التي تأثرت كثيراً أو قليلاً بالحقوق الرومانية، كأيطاليا وألمانيا، حتى إنكلترا بلاد العرف والتقاليد. وقد بقي الفقه الروماني معمولاً به في عصرنا هذا في بلاد جنوبي إفريقية الخاضعة لأنكلترة

أما المناقضات التي وقع فيها السيد صالح العلوي نقلاً عن السيد العلوي الحضرمي، فأشير منها إلى ما جاء في السطر الثاني من الجانب الأول من الصفحة الـ (٧٨١) من الرسالة. فبعد أن قال أن الفقه الروماني (اختفى ثم اكتشف، ولم يظهر ويعمل به إلا في القرن الثاني عشر، وانه لم يكن معروفاً حتى عند الرومان أنفسهم قبل القرن الحادي عشر)؛ وقال في السطر (٢٢) من الصفحة نفسها: (أن دعوى اختفائه أكذوبة)، ثم ما لبث أن استند إلى قول العلامة (سافنيه): (إن القوانين الرومانية لم تختف لأنها ظلت معمولاً بها إلى اليوم من غير انقطاع)

أما وقد صح لدى السيد العلوي قول (سافنيه) هذا، فهو مضطر إلى الاعتراف إذن بان الفقه الروماني المعروف لدينا الآن، هو تلك (القوانين الرومانية التي لم تختف لأنها ظلت معمولاً بها إلى اليوم)، ومرغم على التسليم بان تلك القوانين الرومانية القديمة التي هي أقدم عهداً من الفقه الاسلامي، لم تختلق اختلاقاً ولم تلفق تلفيقاً من قبل العلماء الحديثين، ولم تؤخذ عن الفقه الإسلامي، خلافاً لما ادعى. ولا أدري كيف يورد قول سافنيه هذا ويؤيده، ثم يحاول، بعد القول المستشهد به بسطر واحد أن يأتي بأدلة على اقتباس القوانين الرومانية من الحقوق الإسلامية

قلنا انه لا يجوز مبدئياً طلب التدليل على أن الفقه الروماني الحديث هو نفس الفقه الروماني القديم لمجرد دعوى وحيدة في بابها. ثم إذا قبلنا لزوم التدليل، فما هي وسائل البينة؟

إن السيد الطنطاوي يتطلب (الأسانيد الصحيحة، الروايات المضبوطة)

إن البينات تختلف بحسب الأمور المراد إثباتها؛ فإذا كانت هذه الأمور غير مدونة بنفسها،

<<  <  ج:
ص:  >  >>