للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالعبرية والسريانية والكلدانية للبحث عن النص الأصلي للتوراة، وتتبع ذلك قيام البابا غريغوار الثالث عشر وأُربان الثامن بتعليم اللهجات الشرقية عملياً ليستفيد منها المبشرون بالنصرانية. وفي عام ١٦٢٧ أنشئت مدرسة (انتشار الإيمان) التي خرَّجت الألوف من علماء المشرقيات؛ وكذلك أنشئت في فرنسا على عهد الوزير كولبير مدرسة (الشبان) التي أذاعت الفارسية والتركية وكثيراً من القصص الشرقية كألف ليلة وليلة وغيرها من الرسائل. وفي نهاية القرن السابع عشر نشر اليسوعيون أتباع لوَيُّولا اللغتين اليابانية والصينية وثقافتهما

على أن الاستشراق بعد ذلك قد تبدلت بواعثه، فغدا يخدم السياسة بعد أن كان يخدم الدين، ذلك لأن في القرن الثامن عشر ظهرت طائفة من الكتاب كفولتير وغيره حملت على الدين ورجاله جملة منكرة، وتناولته بالسخرية والتهكم المر، غير مبقية على شيء من احترامه القديم وسلطانه النافذ؛ ولأنه قامت في ذلك الحين ضجة الاستعمار وثار الغرب على الشرق يريد استعباده. فوضع المستشرقون أنفسهم تحت تصرف رجال السياسة، يُدلون إليهم بما يعلمون عن الشرقيين لتتمكن أقدامهم في بلاد الشرق، وتكون لهم على أهله سلطة خالدة.!!

ونلاحظ في هذا الطور الجديد تأليف الجمعيات في مختلف المدن الشرقية، فقد أنشأ المستشرقون جمعية العلوم والفنون في باتافيا عام ١٧٧٨، والجمعية الأسيوية في لبنغال عام ١٧٨٤، والجمعية الأسيوية في بومباي عام ١٨٠٥، والجمعية الأسيوية في باريس عام ١٨٢٢؛ وقد بذلت هذه الأخيرة جهوداً جبارة في دراسة الشرق ولغاته وتاريخه لا سيما اللغة العربية والعقلية العربية والثقافة العربية وما يتصل بذلك كله من دين وفلسفة، وعلم وأدب، لتقدم للحكومة آخر السنة تقريرها المعروف الذي لا يضم بين جوانبه حقائق تمليها لعدالة ويبعثها الواقع، وإنما ينطوي على سموم من الحقد وأثر من المغالطة! وهذه المجلة الأسيوية التي ما تزال حتى الآن تصدر في باريس مرة كل شهرين إنما هي أثر من آثار هذه الجمعية. . .

لقد كان المستشرقون على اتصال دائم بوزارة الخارجية ووزارة المستعمرات، يترددون على رجالاتهما لمعرفة ما جدّ وتغير من القرارات، وأن هذه البعثات التي يقومون بها إلى بلاد الشرق بين حين وآخر ليست بعثات علمية كما يزعمون تقصد وجه العلم خالصاً؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>