للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد حال دون وجودهما عندهم تحريم الدين من جهة وانعدام الخيال والاختراع من جهة أخرى وهما شرطان لازمان لهذين الفنين. والموسيقى وهي الفن الشخصي إلى الغاية هي الفن الوحيد الذي عرفه الساميون

(والأخلاق نفسها ينظر إليها الساميون نظرة تخالف نظرتنا إليها، فالسامي لا يعرف مطلقاً أن عليه واجبات إلا لنفسه، وإذا طلبت إليه أن يحافظ على كلمته ويبر بوعده وأن يقيم العدل بلا تحيز فإنما طلبت إليه مستحيلاً، فالأنانية تتمثل فيهم بأجلى مظهرها)

لن نناقش الآن هذه النظرية أو نقول فيها رأياً، لأن ذلك مما يطول بنا، وحسبنا أن ندل على شيء مما يعتقد المستشرقون، ومع أن تسعين في المائة من هذه النظرية خطأ واختلاق فقد أحلها الغربيون من نفوسهم المحل الأرفع لأنها توائم نزعاتهم وتتفق وميولهم الطافرة إلى السيطرة والاستعمار

لست أدري ما الذي يرضينا في المستشرق!؟ العلم النزيه، وقد رأينا أنه إنما كان لأراب أخر، أم الذوق الأدبي، وليس من شك عندنا أنه بعيد عنه بعد الأرض عن السماء! فالمستشرق مهما تضلع من اللغة العربية، وأخذ من الثقافة الأدبية، وتغلغل إلى الروح الإسلامية فلن يدرك أبداً غاية الأدب وأثره وحدوده ولن يستطيع بحال من الأحوال أن يتذوق جمال قطعة أدبية أو قصيدة فنية على نحو ما يتذوقها العربي! هو يفهم القرآن ولكنه لا يخشع عند سماعه أو تلاوته، ويشرح القصيدة العربية غريبها وبديعها وعروضها ولكن أذنه لا تطرب لهذه الرنة الموسيقية المبثوثة في أطواء الشعر العربي.

حمص

محمد روحي فيصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>