للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد كان أبو العتاهية يعتمد في هذه الحياة المضطربة التي عاش فيها على ضروب من الحيلة كان يجيد تمثيلها، ولولاها لطاحت رقبته فيمن طاحت رقابهم ممن لم تساعفهم الحيلة في تلك البيئة، ولأبي العتاهية في ذلك نوادر لطيفة كان يتوصل بها إلى ما يعجز عنه غيره، ويحوز بها القبول لدى أرباب الحل والعقد في عصره من رجاله ونسائه، ولنختم هذا الفصل بتلك النادرة الظريفة من نوادره

ذكر أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي أن أبا العتاهية لما ألح في أمر عتبة لأول دخوله بغداد ولم ينل منها شيئاً، وجدها يوماً قد جلست في أصحاب الجوهر، فمضى فلبس ثياب راهب، ودفع ثيابه إلى إنسان كان معه، وسأل عن رجل كبير من أهل السوق، فدل على شيخ صائغ، فجاء إليه فقال: إني قد رغبت في الإسلام على يدي هذه المرأة، فقام معه وجمع جماعة من أهل السوق وجاءها فقال: إن الله قد ساق إليك أجراً، هذا راهب قد رغب في الإسلام على يديك، فقالت هاتوه، فدنا منها فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، وقطع الزنار ودنا فقبل يدها، فلما فعل ذلك رفعت البرنس فعرفته، فقالت نَحُّوهُ لعنه الله، فقالوا لا تلعنيه فقد أسلم، فقالت إنما فعلت ذلك لقذره، فعرضوا عليه كسوة فقال ليس لي حاجة إلى هذه، وإنما أردت أن أشرف بولائها، فالحمد الله الذي من علي بحضوركم، وجلس فجعلوا يعلمونه الحمد وصلى معهم العصر، وهو في ذاك بين يديها ينظر إليها لا تقدر له على حيلة

عبد المتعال الصعيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>