للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مسكينة مزهوة بنفسها

يقول زرداشت (يعلم الرجل للحرب، والمرأة لتسلية المحارب. . . وما دون ذلك فهو جنون) ليست المرأة صنما وإنما هي لعبة سريعة العطب لكنها ثمينة وقد تكون خطرة. هي رقة في طبع الرجل. تغدو خطرة مرعبة حين يضرمها الهوى والحب والبغض، لأن طبيعتها لا تزال أكثر احتواء من طبيعة الرجل على وحشية الغرائز الأولى. ففيها رقة ملمس الهرة وفظاعة مخالب النمرة، فيها طبيعة نابية ثائرة، وأهواء جامحة لا تعرف منطقا، ورغاب قلقة. . . وكل هذا يجعل المرأة فقيرة إلى سيد يكبح جماحها ويقودها ويميت فيها جنونها، حتى إذا استشعرت الوجل أمست رقيقة ناعمة بفضل طبيعتها وزينتها وتبرجها وفضيلتها اللابسة ألف ثوب. فيعرو - إذ ذاك - قلب سيدها الإشفاق عليها، الإشفاق الكثير لأنها أكثر عرضة للألم. إنها مفتقرة إلى حبه، وقد قضى عليها بأن تكون أقل الخلائق وهما

أن نيتشه ينقم على المرأة التي تريد أن تتحرر من قيودها، وتهجر احترامها للرجل وتزعم بأنها قرينة مساوية، تريد أن تدخل معه فيما تطلب الحياة من نضال. أن نيتشه يبغض النساء اللواتي يمشين في صفوف الرجال، لأنهن يفقدن تأثيرهن ونفوذهن واعتبار المجتمع لهن. وإنما همهن أن يظهرن للرجال بطبيعة مباينة لطبيعتهم وجبلة مخالفة لجبلتهم، يصعب فهمها ويعسر حكمها. وهاهي المرأة المزاحمة للرجل أضاعت ما خصتها الطبيعة به وأهملت مهنتها التي تقضي عليها بوضع الأطفال

وفي النهاية يرى نيتشه أن أوروبا تتشوه وتزداد تشققا، قد استحالت إلى معتزل تسكنه طائفة من الناس توقوق - لا أحزان كبيرة ولا أفراح كبيرة - طائفة من رجال ونسوة تساووا في العجز والضعف والانحطاط، يقضون على الأرض حياة متشحة بالسواد، لا أمل فها ولا غاية لها.

(يتبع)

خليل هنداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>