للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقوم هو بألهاب عاطفة الجند، وتفتيح عيونهم على العار الأبدي الذي ينتظرهم في بلادهم، إذا عادوا إليها من غير أن يظفرهم أربابهم بأعدائهم، قانعين من الغنيمة بالاياب!. . . بعد تسعة أعوام في دار الغربة. . .

وانطلقت مينرفا إلى ساحة الحرب، وكانت ترف كالسحابة البيضاء في دجنة الليل فيما بين جبل إيدا وشواطئ الهلسبنت، حتى إذا شارفت المعسكر أطلت على القوم فوجدت رؤوسهم يتحاورون فيما قال أجاممنون، ورأت إلى أوليسيز متجهما منقبض النفس مثقل الروح، يكاد ينشق من الغيظ، مما سمع من كلام القائد العام الدال على الخور واليأس، واستبشرت مينرفا بما رأت من هياج أوليسيز، فهبطت عليه رحمة من السماء، وكلمته قائلة، بحيث لا يراها إلا هو:

(أوليسيز فتى إيتاكا وبطل هيلاس!!)

أسرعت إليك - إليك أنت - إليك يا أشجع جندي هنا، لأحذرك أن تنخدع بكلام أجاممنون! إنها خدعة يا أوليسيز! إن القائد العام يحاول أن يسبر عزائمكم، ويخبر هممكم، فلا تنطل عليك كلماته

إنكم لم تنفروا إلى طروادة خفافا وثقالا لتغتربوا عن أوطانكم تسعة أعوام طوال ثم لتعدوا كما أتيتم! بل أضل سبيلا!

أوليسيز! ما ذنب القتلى الأجرياء الذين خضبت دماؤهم ثرى هذه الساحة، تتركونهم في حمرتين من مقابرهم: حمرة الدم. . . وحمرة الخجل مما فرطتم في حقوقهم وتهاونتم في كرامتهم

وما خطب السنين التسع يا أوليسيز؟

أكنتم تلعبون يوم ضحيتم بأفجنيا؟. . .

أكنتم تلهون يوم أهدر بروتسيلوس دمه.؟

وشرفكم الذي يذبح كل يوم في قصور طروادة!!

واستهزاء الأمم بكم، وضحك القبائل عليكم؟!

لا يا أوليسيز! هلم فحرض القادة، وانفخ من روحك في قلوب الجند. . .)

وسمع أوليسيز إلى ربة الحكمة، فخفق قلبه، وثارت نخوته، والتهبت نحيزته؛ وعاهدها

<<  <  ج:
ص:  >  >>