للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(سيكويا مبرفيرنس) و (سيكويا جايجانتيا) ولا يوجدان في مكان ما على ظهر البسيطة إلاّ في ولاية كاليفورنيا. فيوجد النوع الأول نامياً على ساحل المحيط في شمال الولاية حيث الطقس بارد صيفا وشتاء وحيث الرطوبة متوفرة طول السنة، وفي منطقة يبلغ طولها ٤٥٠ ميلا بموازاة الساحل، ويقل تدريجيا كلما ابتعد عن البحر وامتد شرقاً إلى الجبال الساحلية. وأما خشبه فضارب إلى الحمرة ويعرف في مصر بالجوز الأمريكاني الذي يصنع منه الأثاث، وأما النوع الثاني فيوجد بداخل الولاية ومنتصفها في ثلاثة أحراج متقاربة في قمة جبال السييرا على ارتفاع عظيم من سطح البحر. ومن العجب أنه لا توجد أشجار متفرقة من هذا النوع فكأنها خافت على نفسها نوائب الحدثان وخشية الانقراض فتجمعت في هذه الأحراج متقاربة كما تتقارب أفراد القطيع إذا أحسّت خطراً.

وعندما اكتشف النوع الثاني الذي هو أضخم من الأول في سنة ١٨٥٥، أرسلت منه نماذج إلى إنجلترا فأسماه النباتي لندلي (وللنجتونيا) تمجيداً لأسم الجنرال ولنجتون الذي قهر نابليون والذي كان في ذروة المجد وقمّة الشهرة إذ ذاك، فأخذت الأمريكان النعرة الوطنية إذ عزّ عليهم أن تسمى شجرة أمريكية بإسم رجل إنجليزي فأسموها (واشنطجطونيا) نسبة إلى جورج واشنطن أبى الأمريكيين. وأخيرا قر الرأي على جعل اسمها الجنسي سيكويا نسبة إلى رجل من متوحشي الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين لم يصب مجدا بالفتح وإراقة الدماء، بل بعقلية جبارة وعبقرية نادرة. ينتمي هذا الهندي إلى قبائل (الشيروكي) التي كانت ضاربة في تخوم ولاية جورجيا الجنوبية، تزوج أبوه الأبيض من أمه الهندية ثم لم يلبث أن هجرها فاعتزلت وابنها ركنا في غابة ونشأ نشأة هادئة تغاير نشأة أترابه الهنود الذين يتلقنون فنون الصيد والقنص والحرب وغيرها من أعمال الفروسية في سن مبكرة فكان يساعد أمه على أعمال المنزل أو فلاحة الأرض وقطع الأخشاب، فلما شبّ وترعرع احترف الصياغة ونبغ فيها نبوغا عظيما وذاع صيته ذيوعاً كبيراً ثم وجد أن البيض يغيرون على وطنه ويقتطعون أراضيه ويجلون أهله وعشيرته عن مساقط رؤوسهم فأحزنه ذلك وأخذ يفكر في الأمر وخرج من تفكيره بضرورة مقاومة المدنية بالمدنية.

ولما أدرك بثاقب فكره ان السر في تفوق البيض وتمدينهم ينحصر في مقدرتهم على التفاهم قراءة وكتابة قرر أن يخترع لغة لقومه فنبذ الصياغة وعكف على الدرس في الغاب وأخذ

<<  <  ج:
ص:  >  >>