للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الأدلة على وجوب صفة العلم له عز وجل كونه فاعلاً بالاختيار في جميع الأشياء لا وجوب ولا إيجاب عليه والفاعل المختار يجب أن يعلم ما يقصده إيجاده_فهل كون هذه الكائنات سبحانه وتعالى على ما هي عليه من إبداع وجمال ونظام وهو غر عالم (معاذ الله) ماذا يصنع وغير مدرك (حاشا لله) ماذا يعمل. .

ألا يدل ذلك على أن مصدره هو الله الذي لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء العالم بحال الإنسان وهو جنين في بطن أمه وتقلبه من طور إلى طور حتى بلغ قمة الإبداع التكويني (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).

وقد أرشدنا الله تعالى إلى ما هو المنتهى في الاستدلال قال تعالى (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا ويعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء إلى غير ذلك من الآيات فسبحان من أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً) بقي شيء ينبغي التنبيه عليه وهو أن المخلوقات وإن كان لها حظ من وصف العلم إلا أن علمه تعالى مباين لعلمها إذ علمه سبحانه وتعالى لذاته لا بسبب من السباب فلا يفتقر إلى آلة ولا إلى جولان الفكر وأفاعيل النظر بخلاف علم غيره من الممكنات فإنه لا يتأتى حصوله إلا بأحد أسباب ثلاثة: الحواس السليمة، والخبر الصادق، ونظر العقل فيكون علم كل إنسان حادثاً ومتجدداً وما حصله فليس إلا جزء محدود_وبعبارة أخرى ليس إلا عدماً بالنسبة لما يجهله من المعلومات لا تتناهى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ومع ذلك لم يحرمه العليم الحكيم جل شأنه مما ييل أوام مطامحه، وينقع أوار مطامعه، فلا تجده خطا خطوة إلى الأمام حتى أوسع الله أمامه من الباحات، ومهد له من الساحات ما لا يستطيع معه أن يدعي ضيق المجال وحرج المضمار (وقل رب زدني علماً).

الحياة ١٠

ومما يجب له سبحانه صفة الحياة وهي صفة أزلية قائمة بذاته تعالى تقتضي صحة اتصافه بالعلم وغيره من الصفات والدليل على وجوب الحياة له تعالى أنه متصف بالقدرة وافرادة والعلم كما قدمنا وهي ملزومات للحياة وتحقق الملزوم يقتضي تحقق اللازم وحياته تعالى