للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ... بأنني خير من تسعى به قدم

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم

كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم ... ويكره الله ما تأتون والكرم

ما أبعد العيب والنقصان من شرفي ... أنا الثريا وذاك الشيب والهرم

وإذا جرد على أحد عضب لسانه. وفوق من قياس فكرته نبال بيانه زلزل قواعد جسمه بصواعق ألفاظه المحرقة. وقلقل دعائم جرمه بسطوات معانيه المرعدة المبرقة. فيتخيل لك أن المثالب هيولى والمهجو لها صورة. وتتوهم أنه محمول الخزي والقضية محصورة.

إني نزلت بكذابين ضيعهم ... عن القرى وعن الترحال محدود

جود الرجال من الأيدي وجودهم ... من اللسان فلا كانوا ولا الجود

ما يقبض الموت نفساً من نفوسهم ... إلاَّ وفي يده من نتنها عود

وإذا خلع على شخص إزار عتابه. وأذاقه لباس اللوم والتعنيف من صاب خطابه. عثر في ذيلي الحياء والخجل. وشجى بما يسيغ من هبيد الحنظل. فألق السمع لتشهد قوله. يعاتب في بعض أغراضه سيف الدولة:

يا أعدل الناس إلاَّ في معاملتي ... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عنده الأنوار والظلم

ولو لمحت بارقة المديح من ساطع أنواره. ورشفت جرعة الإطراء وإناء أفكاره. أبيت الاستضاءة بنور ذكاء. وأنفت أن تستمد من ضوء الكهرباء. ولن ترفع يد العفة من جانب الإطراء. إذا لم يكن له على معراج الفضل إسراء. وهو على ما فيه من الحوار. أمر خارج عن مفاضلة الأشعار. كما أن الشرف والنسب. ومكارم الأخلاق والحسب. لاتفيد في رفعة القول أو خفضه ولا تجدي نفعاً في تفضيل بعض الشعر على بعضه (كقوله):

ملك سنان قناته وبنانه ... يتباريان دماً وعرفاً ساكبا

كالبحر يقذف للقريب جواهراً ... جوداً ويبعث للبعيد سحائبا

وقوله:

ليس التعجب من مواهب ماله ... بل من سلامتها إلى أوقاتها

<<  <  ج: ص:  >  >>