للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمداً عليها يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها ثم قال سمعت يا أبا الوليد قال سمعت فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد قال والله إني سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر وبالسحر ولا الكهانة. يا معشر قريش أطيعوني خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نباء قال فأجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا سحر ولا كهانة قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم) حتى بلغ (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسكت فمه وناشدته الرحم أن يكف وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب.

وقال بعضهم أن هذا القرآن لو وجد مكتوباً في مصحف في فلاة من الأرض ولم يعلم من وضعه هناك لشهدت العقول السليمة أنه منزل من عند الله وأن البشر لا قدرة لهم على تأليف مثله فكيف إذا جاء على يد أصدق الخلق وأبرهم وأنقاهم وقال أنه كلام الله وتحداهم كلهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا فكيف يبقى مع هذا شك؟.

وروي أن أعرابياً سجد عند سماع قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) وقال سجدت لفصاحة هذا الكلام وحكي أيضاً أن جارية من فصحاء العرب قالت للأصمعي لما رأته تعجب من فصاحة حديثها أو يعدّ هذا فصاحة بعد قوله تعالى (وأوصينا إلى أم موسى أن أرضعيه الآية) فإنه قد جمع فيها بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين إلى غير ذلك مما هو ثايب في الآثار ومبسوط في كتب الأخبار وفقنا الله لتلاوته ورزقنا فهم معانيه وأسراره.

(يتبع)

<<  <  ج: ص:  >  >>