للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير شَكٍّ وأيضاًً فما علمنا -مع المجاورة- أنَّه قَدِ ارتكب الأخطار، ولا طاف الأقطار. وبالجملة، فقد قدَّمْتُ قريباً أنَّ البُلغاء لا يسترحون إلى الأسجاع إلاَّ إذا حَلَّوْا بجواهرها لباتِ الحقائقِ وصدورَها، وسيَّرُوا في أفلاكِ قوارعها شموسَ الدَّلائل وبُدورَها، فأمَّا إذا لم تُصاحِبْ صِدْقَاً ولا حقَّاً، فما هي إلا كبقلة الحمقا (١)، لا تُثْمِرُ ولا تَبقى، ولا تستَحِقُّ أن تُزْرَعَ، ولا أن تُسقى.

قال: الموضع الثَّاني في الدَّليلِ (٢) على أنَّ في أخبار هذه الكتب المسمَّاة بالصِّحاح ما هو غيرُ صحيحٍ إلى آخر كلامه في هذا الفصل، وهو مشتمل على الطَّعن في كتب الحديث بذكر ما فيها من حديث المحاربين أميرَ المؤمنين عليَّاً عليه السلامُ، وإنَّما لم أُورِدْهُ كلَّه هنا؛ لأنَّه قد تقدَّم جوابُ أكثرِه في مسألة قبول أنواعِ أهل التَّأويل، وتقدَّم هُناك نصوصُ كثيرٍ مِنْ أهلِ البيت على قَبُولهِمْ، بل على دعوى الإجماع منهم، ومِنْ غيرهم على ذلك، ولم أعلم أحداً قبلي بَسَطَ في هذه المسألة ما (٣) بسطتُ، فراجعه فيما تقدَّم، ولم يبقَ هنا إلا تَتِمَّةً يسيرة، وأنا أتتبَّعُ ما لم يتقدَّم

جوابُه وأبيَنُه إن شاء الله تعالى.


(١) في " مجمع الأمثال " للميداني ص ٢٢٦: أحمق من رِجْلَة، وهي البقلة التي تسميها العامة الحمقاء، وإنما حمَّقوها، لأنها تنبت في مجاري السيول، فيمر السيلُ بها، فيقتلعها. وفي " المستقصى " ١/ ٨١: أحمق من رِجْلَة: هي البقلة الحمقاء، وهي تنبت في مسيل الماء، فيقلعها السيل. والرِّجلة: المسيل، فسميت باسمه. وفي " زهر الأكم " ٢/ ١٣٤: أحمقُ من رِجْلَة: الرِّجلة -بكسر الراء وسكون الجيم-: ضرب من النبات معروف ينبت في حميل السيل، فيقتلعه، فيوصف لذلك بالحمق. ويقال له: بقلة الحمقاء، والبقلة اللينة، والبقلة المباركة. وقيل: إن البقلة المباركة هي الهندباء. وقولهم: " بقلة الحمقاء " أضيف فيه الموصوف إلى الصفة في الظاهر، كقولهم: مسجد الجامع، وصلاة الأولى.
(٢) في " الدليل " ساقطة من (ب).
(٣) في (ش): مثل ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>