للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الأحاديث، وُيبَيِّنُ أنَّها علَّةٌ ضعيفةٌ أو منقوضةٌ.

والاختلافُ في تصحيح الأحاديث بين أئمَّة الحديث سُنَّةٌ ماضيةٌ، كاختلاف الفُقهاء في الفُروع، بل هي (١) سُنَّةُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى في مرويَّات الصحابة، فقد توقَّف عُمرُ رضي الله عنه في حديث أبي موسى في الاستئذان حتى شهد له أبو سعيد (٢)، وفي حديث عمار لنسيانه له مع حضوره للقصَّة، وهي من أدلَّة المحدِّثين على الردِّ بالإعلال.

وقال أميرُ المؤمنين عليه السلامُ: ومن اتَّهَمْتُهْ استحلفتُه (٣)، فأجاز التُّهمةَ للبعض في ذلك العصر، وقبول المتهم بعد التقوِّي بيمينِه، وهو حُجة على مدارِ الرواية على ظَن الصدق، لا على البراءة مِنَ التهمة، وهو حديثٌ ثابتٌ عنه عليه السلام.

وكذلك الاختلافُ في تعديل الشُّهود، والرُّواة، وما يُجَرَّحون به، وما لا يُجَرَّحُون ممَّا اشتملت عليه كُتُبُ هذا الفَنِّ يستلزم بالضَّرورة الاختلافَ الكثير (٤) في التَّصحيح، وتلخيصُ هذا الوجه أنْ نقول: قولُك


(١) في (ب): هو.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" ٢/ ٩٦٣ - ٩٦٤، والبخاري (٢٠٦٢) و (٦٢٤٥) و (٧٣٥٣)، ومسلم (٢١٥٣)، والترمذي (٢٦٩١)، وأبو داود (٥١٨٠) و (٥١٨١) و (٥١٨٢) و (٥١٨٣) و (٥١٨٤) أن أبا موسى الأشعري استأذن على عُمَر بنِ الخطاب رضي الله عنه، فلم يؤذن له -وكأنه كان مشغولاً- فرجع أبو موسى، ففرَغَ عمر فقال: ألم أسْمَعْ صوتَ عبدِ اللهِ بن قيسٍ؟ ائذنوا له، قيل: قد رَجَعَ، فدعاه، فقال: كنَّا نُؤمر بذلك، فقال: تأتيني على ذلك بالبيِّنة، فانطلَقَ إلى مجالس الأنصار، فسألهم، فقالوا: لا يَشهَد لك على هذا إلا أصغُرنا أبو سعيد الخُدْري، فذهبَ بأبي سعيدٍ الخُدْري، فقال عمر: خفي عليَّ هذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألهاني الصَّفْقُ بالأسواقِ، يعني الخروج إلى التجارة. وانظر "فتح الباري" ١١/ ٢٧ - ٣٠.
(٣) تقدم تخريجه في ١/ ٢٨٤.
(٤) في (ش): الكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>