للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: حديث حسن، ولفظ أبي داود (١): كَذَبَتْ استاه (٢) بني الزرقاء، يعني بني مروان.

وفي " الترمذي " (٣) من حديثِ الحسن بنِ عليٍّ عليهما السلامُ، أنَّه - صلى الله عليه وسلم - رأي بني أُمَيّة على منبره، فساءَه ذلك، فنزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ


(١) برقم (٤٦٤٦).
(٢) تحرفت في (ش) إلى: " أشباه ".
(٣) (٣٣٥٠) من طريق محمود بن غيلان، حدثنا أبو داوود الطيالسي، حدثنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني، عن يوسف بن سعد، قال: قامَ رجلٌ إلى الحسن بن علي بعدمَا بايَعَ معاوية، فقال: سَوَّدْت وُجُوهَ المؤمنين، أو يا مُسَوِّدَ وجوهِ المؤمنين، فقال: لا تُؤنِّبْني رَحِمَك اللهُ، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُرِيَ بني أُمية على منبره، فساءَه ذلك، فنَزَلَت: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} يا محمدُ، يعني نهراً في الجنة، ونزَلَتْ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} يَمْلِكُها بنو أمية يا محمدُ. قال القاسمُ: فعدَدْناها، فإذا هي ألف شهر لا يزيد يومٌ ولا ينقص. قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وهو ثقة، وثَّقَهُ يحيى القطان، وابن مهدي. وشيخه يوسف بن سعد -ويقال: يوسف بن مازن-: رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه.
وقال ابن كثير في " تاريخه " ٦/ ٢٤٩ بعد أن ذكر كلام الترمذي: فقوله: " إن يوسف هذا مجهول " مشكل، والظاهر أنَّه أراد أنَّه مجهول الحال، فإنه قد روى عنه جماعة، منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عنه قال: هو ثقة، فارتفعت الجهالة عنه مطلقاً، قلتُ: ولكن في شهوده قصة الحسن ومعاوية نظر، وقد يكون أرسلَها عمَّن لا يعتمد عليه، والله أعلم. وقد سألتُ شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي -رحمه الله- عن هذا الحديث، فقال: هو حديث منكر. وأما قول القاسم بن الفضل -رحمه الله-: إنَّه حسب دولة بني أمية، فوجدها ألف شهر، لا تزيد يوماً ولا تنقصه، فهو غريب جداً، وفيه نظر، وذلك لأنَّه لا يمكن إدخال دولة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت ثنتي عشرة سنة، في هذه المدة، لا من حيثُ الصورةُ ولا من حيثُ المعنى، وذلك أنها ممدوحةٌ لأنَّه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون.
وهذا الحديث إنما سيق لذمّ دولتِهم، وفي دلالة الحديثِ على الذمِّ نظرٌ، وذلك أنَّه دلَّ على أن ليلة القدَرِ خيرٌ من ألفِ شهر التي هي دولتهم، وليلةُ القدر ليلةٌ خيرة، عظيمةُ المقدار والبركة، كما وصفَها الله تعالى به، فما يلزمُ من تفضيلها على دولتِهم ذمُّ دولتهم، فليتأمَّل هذا، فإنه دقيق يدُلُّ على أن الحديث في صحتِه نظرٌ، لأنَّه إنما سيق لذم أيامِهم، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>