للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يقولُ عاقِلٌ مع ذلِكَ: إنَّ عُموم الثَّناء غَيْرُ مخصوص؟ ولكنه خصوص (١) نادِرٌ، فهو فيهم كالشَّعرة السَّوداء في الثَّور الأبيض، فلذا تُرِكَ ذكرُه، وهو معروف في " الاستيعاب " لابن عبد البر وغيرِه مِنْ كتب الصَّحابة.

ولا شك في قَبُول الخُصوص وتقديمِه على العمومِ، فقد صحَّ تخصيص العموم (٢) في كلام الله تَعالى، وهو أصدقُ القائلين، ولم يكن في ذلك مناقضةٌ ولا مكاذَبةٌ، بل قد صحَّ ذلك في كتاب الله في هذه المسألة بعينها، فقد أثنى الله سبحانه في كتابه على الصحابة عُموماً، ولم (٣) يقدح في كتابِ الله بما يُوجَدُ مِن بعضهم كقوله تعالى (٤): {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]، وكذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرةٍ تَقَصَّاها أبو عمر بنُ عبد البر في كتاب " الاستيعاب " (٥)، ولم يمنع ذلك مِنَ التَّخصيص، وكذلك عموم كلامِ المحدِّثين، فكيف يجوز (٦) ذلك، والله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: ١١]، والصِّحاح مشحونَةٌ بذكر مَنْ حدَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منهم في الإِفك، والزِّنى، والسَّرِقة مع خِسَّتِهما (٧) كما تقدَّم بيانُه. وقد نصَّ الرَّازي في " محصوله " (٨) على أنَّ الصَّحابة عدولٌ


(١) في (ش): ولكن خصوصهم.
(٢) عبارة " فقد صَحَّ تخصيصُ العموم " سقطت من (ب).
(٣) في (ش): فلم.
(٤) عبارة " كقوله تعالى " ساقطة من (ش).
(٥) ١/ ٣ - ٨.
(٦) في (ب): يقول.
(٧) في (ش): " حسنهما "، وهو خطأ.
(٨) ٢/ ١/٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>