للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقذوف؛ ولأنَّه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوزُ عليه القَذْفُ المُحَرَّمُ، ولا أقرَّ هلالا على ذلك، ولو كان قذفاً حراماً لم يُقِرَّه عليه، سواء وجب فيه الحدُّ أو لم يجب (١)، والغالبُ أنَّ السيدَ جرح بهذا لمَّا حَفِظ أنَّ مذهبنا أنَّهم قَذَفَةٌ على سبيلِ التّقليد لأهل المذهب، وظنَّ أنَّ أهلَ المذهبِ يقدحون على مَنْ قبلهم بذلك، وليس كذلك، فإنَّه لو لَزِمَ القَدْحُ بمسائلِ الخلاف، لزم الجرحُ لجميع المخالفين، بل الَّذي يذهب إليه أصحابُنا: أنَّ الشاهد قاذِفٌ، ولا يقبلونه لمذهبنا (٢) فيه، ولا يلزمُ الغير أن يَرُدَّه كما ردُّوه، ولا يُنْسَبُ إلى مَنْ قَبِلهُ أنَّه يقبل (٣) المجاريحَ، فاعرف ذلك.

وإن قال السَّيِّد (٤): إنَّ الشاهد قاذِفٌ قطعاً، فذلك لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المسألة شرعيَّةٌ لا عقليَّةٌ، وليس فيها نصٌّ قاطعٌ غيرُ محتمِل للتَّخصيص، ولم يبق إلا القياسُ على العام (٥)، ولا يصحُّ أن يكون القياسُ فيها (٦) قاطِعَاً لوجدان الفروق (٧) المانعة مِنْ ذلك، فإنَّ بين الشَّاهدِ والقاذفِ فُروقاً ظاهِرَة، ولا يصحُّ معها القياسُ القطعيُّ، ألا ترى أنَّه يُشترط في الشاهد العدالةُ، ويشترط العددُ المخصوصُ في الشُّهود، ولا يجب في القاذف أن يقذفَ معه غيره فثبت أنَّ الشَّاهدَ غيرُ القاذفِ، وإذا ثَبت أنَّ المسألة ظنيَّةٌ، لم يجز جرحُ الشُّهودِ بذلك؛ لأنَّ الجرح لا يكون إلا بأمرٍ ثبت بالقطع أنَّه


(١) في (ش): يوجب.
(٢) في (ب): بمذهبنا.
(٣) في (ش): قبل.
(٤) ساقط من (ش).
(٥) في (ب): " القياس "، وفي (ش): " القاذف ".
(٦) في (ش): فيه.
(٧) في (ب): فرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>