للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معصيةٌ، ولهذا لا يُجْرحُ مَنْ شَرِبَ المُثَلَّث (١) مع أنَّ جَرْحَ القاذِف الجاهلِ بتحريم القذف أو (٢) الواثق بإقامَةِ الشَّهادة إنَّما هو بالنَّصِّ، وإلا فالقياس أنْ لا يُجَرَّحَ حتَّى يتحقق كذِبُه، لكن النَّصُ أقدمُ مِنَ القياس، فيجبُ أن نُقِرَّ النَّصَّ حيث ورد لمخالفته للقياس (٣)، ولا يُقاس الشَّاهد على القاذف.

الوهم السابع: توهَّم السَّيِّد أنَّ هؤلاء الشُّهود الثَّلاثة إن لم يكونوا قاذفين، وجب جرحُ المغيرة بالزِّنى الذي أخبروا به، وظنَّ السَيِّد أنَّه لا مخرج مِنْ هذا السُّؤال، وليس كما توهَّم، بل يجوز أن لا يَصْدُقُوا فيما شَهِدُوا به، وأن (٤) لا يُجْرَحُوا لِغلطهم في الشَّهادة.

فقد ذكر ابنُ النحوي في " البدر المنير ": أنَّ المغيرَة ادَّعى في تلك المرأة (٥) الّتي رمَوْهُ بها أنَّها له زوجة، قال: وكان يرى نكاح السِّرِّ. وروي


(١) هو الشراب الذي طُبخ حتى ذهب ثلثاه، ويسمى الطِّلاء -بكسر المهملة والمد-: وهو الدبس شُبِّهَ بطلاء الإبل، وهو القَطِرَان الذي يُدهن به، فإذا طبخ عصير العنب حتى تمدد أشبه طلاء الإبل، وهو في تلك الحالة غالباً لا يسكر.
وفي البخاري ١٠/ ٦٢ في الأشربة، باب: الباذق: وَرأي عمرُ، وأبو عبيدة، ومعاذٌ شُربَ الطِّلاءعلى الثُّلْثِ.
قال الحافظ في " الفتح " ١٠/ ٦٤ بعد أن خرج الآثار: وقد وافق عمر ومن ذكره معه على الحكم المذكور (أي: على جواز شرب الطِّلاء إذا طبخ، فصار على الثلث، ونقص منه الثلثان) أبو موسى، وأبو الدرداء، أخرجهُ النسائي عنهما، وعلي وأبو أمامة، وخالد بن الوليد وغيرهم، أخرجها ابن أبي شيبة وغيره، ومن التابعين ابن المسيب، والحسن، وعكرمة، ومن الفقهاء الثوري، والليث، ومالك، وأحمد، والجمهور، وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر، وكرهه طائفة تورعاً.
(٢) في (ب): و.
(٣) في (ب): القياس.
(٤) " أن " ساقطة من (ب).
(٥) في (ش): " الامرأة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>