للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ قتلَ فلان وحربَه (١) كان يومَ فلان، وينكشِفُ غلطُه في التَّاريخ، ولا يَلْزَمُ مِنْ ذلِكَ أنَّ ذلِكَ الرَّجُلَ ما قُتِلَ أصلاً، ولا كان له حربُ البتة. ويقوِّي هذا الاحتمالَ وجوهٌ: -

أحَدُهَا: أنَّ أحمدَ بن حنبل ذكر هذا الحديث مع إجماعهم على أنّه مِنْ أعرف النّاس بعلم الأثر وعِلَلِهِ، وما يتعلَّقُ به، وتكلَّم (٢) في وجه امتتاع النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المسح على رأس الوليد.

وروى أحمد بن حنبل أنَّ الوليدَ سلخ يومئذ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَقَذَّرَه، وأن الوليد مُنِعَ بركتَه عليه السلام.

الوجه الثاني: أنّ هذا الحديث من مَثَالِبِ الوليد، ومناقِصِهِ الدَّالةِ على خِسَّتهِ، فهو يَبْعُدُ أنْ يكون كذبه، لأنّه عليه لا له، بل يَبْعُدُ أن يكون مَا رَوَاهُ إلا وهو معروفٌ عند غيره، ولو استطاع كَتْمَهُ لكتمه، ألا ترى أنَّ أحمد بن حنبل روى أنّه سَلَخَ يومئذ وَتَقَذَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وهذا لم يروه الوليد، فدلَّ على أنَّ الحديث مرويٌّ مِنْ غيرِ طريقه، وأظنُّ الوليد إنَّما ذكر هذا الحديث ليعتذر من (٣) ذلكَ بما زعمه مِنْ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ما ترك المسحَ عليه إلاّ مِنْ أجل الخَلُوقِ الّذي كان فيه، وهذا العذرُ تمويه لا يمضي لأمرين:

أحدهما: أنَّ الخلوق لم يكن في جسده كلّه، وهو صغيرٌ لا ذنبَ عليه، فيزجره عليه السّلامُ بذلِكَ كما فعل مع عمار.

وثانيهما: أنّه امتنعَ مِنَ الدُّعاء له، كما امتنع مِنْ لَمْسِ جَسَدِهِ،


(١) في (ش): وخروجه.
(٢) في (ش): ويتكلم.
(٣) في (ش): في.

<<  <  ج: ص:  >  >>