للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: كيف يَصِحُّ اختلاف كلام (١) هؤلاء في الجرج والتّعديل؟

قلت: لأنَّه عندهم لا يتعمَّد الكذب، ولكنه يخطىء (٢)، والمخطىء إنَّما يُجرح بالتَّحري والاجتهاد (٣)، والاجتهادُ في ذلِكَ يقف على النظر في كثرة خطئه: هل بلغ إلى حدٍّ يُوجب طَرْحَ حديثِهِ الّذي لم ينكشِفْ أنَّه خطأٌ أو لا؟ وما (٤) الحدُّ الذي إذا بلغه بَطَلَ حديثُهُ؟ فقال علماء الأصول: إذا كان خطؤُه أكثر مِنْ صوابه، أو مُساوياً له، وقال المنصور بالله، وعبد الله بن زيد: إذا كان أكثر فقط، وإذا كان مساوياً، لم يجب طرْحُ حديثِهِ، وهذا دقيقٌ ضامضٌ يحتمل التَّردُّدَ، وتصحيح العبارة.

فاختلاف (٥) أئمَّة الجرحِ مثلُ اجتهاد الفقهاء في دقيق الفقه، فيكون لابن معين قولانِ في الجرح مثل ما يكون للمؤيَّد قولانِ في الفقه.

الطريق الخامسة: عن أنسٍ، وفيها سلم (٦) العلوي، وفيه كلام كثير.

قال أبو داود: وليس هو علوياً (٧)، كان ينظر في النُّجوم، وَشَهِدَ عند عديِّ بن أرطاة (٨) على رؤية الهلال، فلم يُجز شهادته، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: ضعيف.


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): مخطىء.
(٣) " والاجتهاد " ساقطة من (ش).
(٤) في (ش): " وأما " وهو خطأ.
(٥) في (ش): واختلاف.
(٦) في (ش): " سالم " وهو تحريف.
(٧) في (أ) و (ب) و (ش): " علوي "، وكتب فوقها في (أ) " علوياً " على الجادة.
(٨) هو عدي بن أرطاة الفَزاري أبو واثلة، أمير من أهل دمشق، كان من العقلاء الشجعان، ولاَّه عمرُ بن عبد العزير على البصرة سنة ٩٩ هـ، فاستمر إلى أن قتله معاوية بن يزيد بن المهلب بواسط في فتنة أبيه يزيد بالعراق سنة ١٠٢ هـ. " الأعلام " للزركلي ٤/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>