للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الرواية، وأيُّ ذنبٍ له في مجرَّد ذكره، وما وجهُ الاعتراضِ بسطره (١)، وقد ذكر اللهُ في كتابه الكريم أبا لهبٍ وأمرأتَهُ حَمَّالة الحطب.

وقد قال إمامُ أهلِ (٢) الحديث ابنُ عبد البر في ترجمة الوليد في كتاب " الاستيعاب " (٣) بعد جرحه له: إنَّه لم يَرْوِ سُنَّةً يُحتاجُ فيها إليه بهذا اللفظ، وهو نَصٌّ في موضعِ النِّزاع، وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ.

الوهم الثّاني عشر: أنَّ عبدَ الله بنَ عمرٍو كان مع معاوية حتى قُتِلَ عمار، فَلَزِمَ نفسَه من غير توبة.

أقول: أمّا أنْ يُريدَ السيدُ من غير توبةٍ في معلوم اللهِ، ويقطع أنّهُ ما تابَ لا باطناً ولا ظاهراً، فهذا يحتاجُ إلى وحيٍ وتنزيل، أو يُريد من غير أن يتلفَّظ بالتَّوبة ويقول: اللَّهُمَّ إنِّي إليك منَ التَّائبين النَّادمين في الماضي، العازمين على التَّرك في المستقبل، ونحو ذلك مِنَ العبارات، فلا يخلو: إمَّا أن يعتقِدَ أن التَّلَفُّظَ بذلِك مِنْ أركان التَّوبة، فهذا غفلة (٤) عظيمة، أو يعتقد أنَّ ذلك واجبٌ على كُلِّ عاصٍ، فهذا أعظم، فما زال النّاسُ يَرْجِعُونَ مِنَ الكُفر إلى الإسلام في زمانِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يأمُرُهُمْ بالتَّلفُّطِ بالتَّوبة، وإنَّما الواجبٌ على العاصي أن يُظْهِرَ قرينةً ظَنِّيِّة تَدُلُّ على ندمِهِ على ما كان منه، وعزمِهِ على مجانبته، وقد تكون تلك (٥) القرينةُ مِنْ قوله، وتكون مِنْ فعله، فأمّا التَّوبة نفسُها، فمحلُّها القلبُ، وهي مجموع


(١) في (ش): " بصدده "، وكتب فوقها: " بذكره ".
(٢) ساقطة من (ب) و (ش).
(٣) ٣/ ٣٣٦.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>