للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضالة (١)، والأخرى مُحِقَّةٌ.

أمَّا غرور الفرقة الضالة، فلغفلتها عن ضلالتِها، وظنِّها بنفسها النَّجاة، وهم فِرَقٌ كثيرة، يُكَفِّرُ بعضُهم بعضاً، وإنَّما ضلُوا من حيث إنهم لم يُحْكِمُوا (٢) شرائطَ الأدلة، ومنهاجها (٣)، فرأوا الشبهة دليلاً، والدليل شبهة (٤).

وأما غُرور الفرقة المحقة فمن (٥) حيث إنهم ظنُّوا (٦) بالجدل أنَّه أَهَمُّ الأمور، وأفضلُ القربَاتِ في دين الله، وزعمت أنَّه لا يَتمُّ لأحدٍ دينُه ما لم يَفْحَصْ، ولم يبحث، وأنَّ من صَدَّقَ اللهَ من غير بحثٍ وتحريرِ دليلٍ، فليس بمؤمنٍ، أو ليس بكامل (٧)، ولا مُقرَّب عند الله، ولم يلتفتوا إلى القرن الأوَّل، وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهد لهم بأنهم خَيْرُ الخلقِ، ولم يطلب منهمُ الدَّليل، وروى أبو أمامة عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم " ما ضَلَّ قَوْمٌ قَط إلا أُوتُوا الجَدَلَ " (٨). انتهى.


(١) في " الكشف ": ضالة مضلة.
(٢) في (ج) " يحكوا "، وهو خطأ، وفي " الكشف ": لم يحكموا الشروط.
(٣) في (أ): ومنها فرقة حمقاء.
(٤) " والدليل شبهة " ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): من.
(٦) في (أ): طلبوا.
(٧) في " الكشف ": فليس بمؤمن ولا بكامل.
(٨) أخرجه أحمد ٥/ ٢٥٢ و٢٥٦، والترمذي (٣٢٥٣)، وابن ماجة (٤٨)، والطبري ٢٥/ ٨٨، واللالكائي (١٧٧) من طرق عن حجاج بن دينار، عن أبي غالب (وقد تحرف في " سنن ابن ماجة " إلى أبي طالب)، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما ضل قوم بعد هُدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجَدَل " ثم تلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} وسنده حسنٌ، وقال الترمذيُّ: حسن صحيح. وصحَّحه الحاكم ٢/ ٤٤٧ - ٤٤٨، ووافقه الذهبي، ونقل المُناويُّ في " فيض القدير " ٥/ ٤٥٣ عن القاضي: أن المراد =

<<  <  ج: ص:  >  >>