للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنها لا تناقض (١) الجزم؛ لأن متعلقها مختلفٌ غيرُ متَّحدٍ، والجزم من فعل الله تعالى إن كان ضرورياً، ومن فعل العبد أو آثار فعله إن لم يكن ضرورياً، والوسوسة ليست من فعل العبد قطعاً؛ لأنَّها ضرورية، غير واقفةٍ على اختياره، وهي من فعل الشيطان، لما (٢) ورد من النصوص الصحاح في الأمر بالتَّعوُّذ (٣) منه عند ذلك، ولما يشهد بذلك من القرآن الكريم من نسبة جميع ما يعارض الحق والنبوات إلى الشيطان، وهذا (٤) في حق من لا ذنب له، والسمعُ دلَّ (٥) على أن من هذا حالُه، فإنَّ الله يهديه، ويشرح صدره للإسلام، ويمنع (٦) رجحان ظن الباطل. والعقلُ عند المعتزلة يوجبُ ذلك مع السمع في حقِّ المطيع والعاصي، فلا يخاف من هذا على قواعدهم مطلقاً.

وأما من يستحق العقوبة بسلب اللُّطف عند أهل السنة، فقد يُعَاقَبُ من جهة الله تعالى بذلك (٧)، وبأكثر منه (٨)، كما لم يُؤمنوا به أوَّل مرَّة كما قال تعالى، وكما خالفوا الفطرة التي فطرهم عليها وغيَّرُوها، وكما حكى سبحانه من التيسير للعسرى، وكما سيأتي (٩) مشروحاً واضحاً في مسألة الأفعال، ومسألتي الأقدار والمشيئة، وبيان ذلك وقوع الوسوسة في الضروريات مع الموسوسين.


(١) في (ج): أنه لا يناقض.
(٢) في (ش): كما.
(٣) في (ش): من التعوذ، وهو تحريف.
(٤) في (ش): وهي.
(٥) في (ش): دال.
(٦) في (ش): ويمتنع.
(٧) في (ش): عند ذلك.
(٨) ساقطة من (ش).
(٩) في (ج): يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>