للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٥ - ٢٧]، وأيضاً، لو جاز ذلك عقلاً، لوجب بطلانُهُ عقلاً أيضاً، وذلك أنه يجب أن يكون الجن مختلفي المقاصد والطبائع، كما اطَّرد الاختلافُ بين جميع الأجناس في ذلك، فكان يجب أن يكون في الجن من يُعارض الذي أتى بالقرآن، ويُحِبُّ تكذيبه (١) في دعواه، لعجز الجن والإنس عن ذلك، ويجب أن يهدي من أضلَّه الكاذب لذلك، ولا يجوز اجتماع طبائعهم على ذلك في عقل عاقلٍ (٢)، وهذا من أنفس ما يُعارضُ به هذا الهذيان إن أصغى إليه مبطلٌ أو جاهل، كما نبَّه القرآن على ذلك في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص: ٦٩] بل عليه بعينه في قوله: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: ١١]، بل أعظمُ منه دلالة وهو (٣) أنّه تعالى أوجب من تعدُّد الآلهة وقوع الاختلاف في غير آية والله أعلم.

وأمّا على قواعد المعتزلة، فقد أجابوا بوجوهٍ:

منها: أن العلم بالملائكة والجنِّ إنَّما حصل بالقرآن.

ومنها: أنَّ تقدير مثل هذا يفتح (٤) باب الجهالات.

ومنها: أنَّ القرآن العظيم مشتملٌ من (٥) علم الغيوب على ما ليس بمقدورٍ لغير الله، وهو أحسنُ ما احتجُّوا به، وهو صحيح على قواعد


(١) في (ج): ويجب تكوينه، وهو تحريف.
(٢) في (ب) و (ش): في عقل كل عاقل.
(٣) في (ب) و (ج): على ذلك أنه.
(٤) في (أ): " بقبح "، وهو تصحيف.
(٥) في (ش): على من، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>