للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيلان الأذهان أراد أنهم ما شاركُوا أهل الكلام في هذه العقائد الدقيقة، ولا أُشرِبَتْ قلوبُهم العُجْبَ بهذه المغاصات اللطيفة، فلقد أراد أن يَذُمَّ، فَمَدَحَ، وأن يَفضَحَ، فافتُضِحَ، فلقد صان الله عصابة الإسلام، وركن الإيمان من الصحابة والتابعين، وحملة سنة سيد المرسلين عن سماع هذه الأباطيل، وابتلانا بمعرفتها ومعرفة أهلها، والردِّ عليهم، فإنَّا لله، وإنا إليه راجعون، والسعيد -والله- من لم يَعْرِفُ عُلُومَكم التي سلبت أذهانكم إلى هذا الحدِّ.

فإن قلت: إن أهل الحديث أيضاً قد وقعوا في أمثال هذه الشُّنعِ، وارتكبوا (١) نظائر هذه البدع من الجبر والتشبيه، ونسبةِ القبائح إلى الله تعالى، مثل تكليف ما لا يُطاقُ، والتعذيبِ بغير ذنب.

فالجواب: من وجوهٍ.

الوجهُ (٢) الأول: أنهم منزَّهون من جميع ما ذُكِرَ، وقد مرَّ تنزيهُهُمْ من التشبيه في أوَّل هذا الكلام، وهو الكلام (٣) على الوهم الخامس عشر وسيأتي براءة المتكلمين منهم (٤) عن ذلك في آخر هذا الكلام، وسيأتي أيضاً في الوهم الثامن والعشرين براءتُهم من الجَبْرِ، وفيما بعده براءتُهم من تكليف ما لا يُطاق، والتعذيب بغير ذنبٍ ونحو ذلك بنقل نصوصهم من كُتُبِهم المشهورة الموجودة في ديار الزيدية، ومن كلام علماء المعتزلة والزيدية في بعض هذه المسائل.


(١) في (ش): وركبوا.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) من قوله: " في أول " إلى هنا ساقط من (ش).
(٤) من قوله: " من التشبيه " إلى هنا ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>