للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس، يعني موقوفاً عليه (١) لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأمَّا الحديث الآخرُ فهو في الصحيح مُفَسَّراً بقول الله: " عبدي جُعْتُ فلم تُطعمني، فيقول: ربِّ كيف أُطعمُك وأنت ربُّ العالمين؟ فيقول: أما علمتَ أن عبدي فلاناً جاع، فلو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي، عبدي مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، فيقول: ربِّ كيف أعودُك، وأنت ربُّ العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فُلاناً مَرِضَ، فلو عُدْتَه لوجدتني عندَه "، وهذا صريحٌ في أنَّ الله تعالى لم يمرض، ولم يجُع، ولكن مَرِضَ عبدُه (٢) وجاع، فجعل جوعَه جوعَه، ومرضَه مرضَه مُفَسِّراً لذلك، بأنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عُدْتَه لوجدتني عنده، فلم يبقَ في الحديث لفظٌ يحتاجُ إلى تأويل (٣). انتهى (٤).

وأما قوله: " قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن " فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالأصبع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه، ولا في قول القائل: هذا بين يدي، ما يقتضي مباشرتُه ليديه، وإذا قيل: السحاب المسخَّرُ بين السماء والأرض لم يقتضِ أن يكونَ مماسّاً للسماء والأرض، ونظائرُ هذا كثيرةٌ.


(١) رواه عبد الرزاق في " مصنفه " (٨٩١٩) موقوفاً بلفظ: " الركن -يعني الحجر- يمين الله في الأرض يصافح بها خلقه مصافحة الرجل أخاه .. "، وفي سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي، وهو متروك، وقد تابعه بنحوه ابن جريج بالعنعنة عند عبد الرزاق (٨٩٢٠).
(٢) في (ش): عبده مرض.
(٣) في (ش): التأويل.
(٤) هنا زيادة في (ش) و (د) نصها: ويؤيدُ هذا أنَّ خطاب الله تعالى لعبده بهذا إنَّما يقعُ في دار الآخرة، والعلم فيها بالله تعالى، وامتناع صفات النقص عليه ضروريُّ لا يقعُ فيه شك، ولذلك ظَهَر للمخاطب أنه مسوقٌ بمعنى لطيف، فلم يكن جوابُه إلاَّ بالسؤال بكيف عن تعيين ذلك المعنى المعلوم على سبيل الإجمال، ثم اتَّصَلَ بيانه كاتصال البيان بالاستثناء والشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>