للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّا يُشبِهُ هذا أن نجعلَ اللفظ نظيراً لما ليس مثله، كما قيل في قوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} [ص: ٧٥]، فقيل: هو مثل قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١]، فهذا ليس مثل هذا، لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي، فصار شبيهاً بقوله: {فبما كَسَبَتْ أيْدِيْكُمْ} [الشورى: ٣٠]، وهناك أضاف الفعل إليه، فقال: {لِمَا خلقتُ} ثم قال: {بِيَدَيّ}.

وأيضاً هنا ذكرَ نفسه المقدسة بصيغة المفرد، وفي اليدين ذكر لفظ التثنية، كما في قوله: {بَلْ يَداه مبسوطتان} [المائدة: ٦٤]، وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة (١) الجمع، فصار كقوله: {تَجْرِي بأَعْيُنِنا} [القمر: ١٤]، وهذا في الجمع نظيرُ قوله: {بِيَدِهِ المُلْكُ} [الملك: ١] و {بِيَدِكَ الخَيْرُ} [آل عمران: ٢٦]، في المفرد، فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارةً بصيغة المفرد مُظهَراً أو (٢) مُضمراً، وتارةً بصيغة الجمع كقوله: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحَاً مُبِيناً} [الفتح: ١] وأمثال ذلك، ولا يذكُرُ نفسه بصيغةِ التثنيةِ قط، لأنَّ صيغةَ الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقُّه، ورُبَّما تدلُّ على معاني أسمائه.

وأما صيغة التثنية، فتدل على العدد المحصور، وهو مقدسٌ عن ذلك، فلو (٣) قال: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي (٤)، [لما] (٥) كان كقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدينا} [يس: ٧١]، وهو نظيرُ قوله: {بيده


(١) تحرف في (ش) إلى: صفة.
(٢) في (ش): و.
(٣) في (ج) و (ش): ولو.
(٤) في (أ): يدي.
(٥) ما بين الحاصرتين من " التدمرية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>