للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يشرَكَهُ (١) شيءٌ من الأشياء فيما هو من خصائصه، وكُلُّ صفةٍ من صفات الكمال فهو متَّصفٌ بها على وجهٍ لا يُماثِلُه فيها أحد.

ولهذا كان مذهب سلف الأمة وأئمَّتها إثبات ما وصف الله به نفسه من الصفات، ونفي مماثلته لشيءٍ من المخلوقات.

فإن قيل: إنَّ الشيء إذا شابَهَ غيره من وجه، جاز عليه من ذلك الوجه ما جاز عليه، أو وَجَبَ له ما وَجَبَ له، أو امتنعَ عليه ما امتنعَ عليه.

قيل: هَبْ أنَّ الأمر كذلك، ولكن إذا كان ذلك القدرُ المشترك لا يستلزمُ إثبات ما يمتنِعُ على الربِّ سبحانه، ولا نفيَ ما يستحقُّه لم يكن ممتنعاً، كما إذا قيل: إنَّه موجودٌ، حي، عليم، سميع، بصير، و (٢) قد سمَّى بعض عباده حيّاً عليماً سميعاً بصيراً.

فإن قيل: يلزَمُ أنه يجوزُ عليه ما يجوز على ذلك من جهة كونه حياً عليماً سميعاً بصيراً.

قيل: لازمُ هذا القدر المشترك ليس ممتنعاً على (٣) الربِّ، فإنَّ ذلك لا يقتضي حدوثاً، ولا إمكاناً، ولا نقصاً، ولا شيئاً ممَّا يُنافي صفات الربوبية، وذلك أنَّ القدر المشترك هو مُسمَّى الوجود، أو الموجود، أو الحياة، أو الحيّ، أو العلم، أو العليم، والقَدَرُ المشتَرك مطلقُ كُلِّي لا يختصُّ بأحدهما دون الآخر، فلم يَقَعْ بينهما اشتراكٌ لا في ما يختصُّ بالممكن المحدث، ولا في ما يختص بالواجب القديم، فإنَّ ما يختصُّ به


(١) في (ش): يشاركه.
(٢) الواو ليست في الأصول، والمثبت من " التدمرية ".
(٣) في (ش): عن.

<<  <  ج: ص:  >  >>