للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: ٦٥].

فكان المسلمون في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، وصدراً من زمن التابعين يُؤمنون بجميع هذه الأشياء على حقائقها مع علمهم باختلاف الكلام والمتكلمين (١)، فليس كلام الإنسان الناطق باللسان مثل كلام الجمادات، والأعضاء، ولا كلام ربِّ العالمين مثل كلام (٢) شيء من خلقه أجمعين.

فلمَّا حدثت بدعة الكلام والنظر على أساليب الفلاسفة والمشي وراء الخيالات العقلية، قالت المعتزلة وكثيرٌ من المتكلمين: إنَّ جميع ما تلوناه من كتاب الله تعالى من إضافة الكلام إليها، وكذلك القول وما في معناهما من المناداة، والسؤال، كله تشبيه لله تعالى بخلقه، وذمٌّ له عز وجل، وقدحٌ في ربوبيته، وكفرٌ به، وإلحادٌ في أسمائه إلاَّ أن يُتَأوَّل على ما لا تُساعِدُ عليه قواعدُ التأويل، ولا تبقى معه جلالة صوادع التنزيل، وسبحان الله أيكون أحدٌ أعرف بالله وأكره لما لا يليق به من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله وأصحابه وتابعيهم. فكيف يسمعون ما ظاهره الكفر والإلحاد في أسماء الله والتشبيه له بخلقه، ولا يُنَبِّهُون (٣) على تأويله أحداً من المتعلمين، ولا من المسلمين أجمعين. والعلمُ الضروريُّ يقتضي في كل ما شاع مثل هذا في أعصارهم، ولم يذكُرْ أحدٌ منهم (٤) له تأويلاً البتة أنه على ظاهره على (٥)


(١) في (ش): والمتكلم.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): ينهون.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): في.

<<  <  ج: ص:  >  >>