للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان معنى قولك لم يوجد دليل الثبوت، أنه قد عدم دليل الثبوت، أنه قد عُدِمَ دليل الثاني، وذلك هو نفس وجود (١) دليل العدم، فيكون حاصله الحكم بالنفي لوجود ما يقتضي دليل النفي، وذلك غير هذه الطريقة، وإن عنيت الثاني، لم يلزم من عدم ما يقتضي الثبوت إلاَّ يكون الثبوت حاصلاً لاحتمال أن يحصل بواسطة الطريق الثاني، وهو عدم دليل العدم.

وأما قوله: دليلُ كل شيءٍ بحسب ما يليق به.

قلنا: هذا كلامٌ إقناعيُّ، ثم إنه باطل، لأنا توافقنا على أنه يجوز الاستدلال بعدم شيءٍ على ثبوت شيءٍ آخر، بل ذلك هو الحق، فإنه يلزم من ارتفاع أحد النقيضين القطع بحصول النقيض الآخر (٢).

قوله: إذا لم يجد إنسانٌ ما يدل على نبوَّته، قطعنا أنه ليس بنبي.

قلنا: لا نُسلِّم، بل إنما نقطع بذلك لقيام الدلالة القاطعة على أنه لا نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولولا ذلك لما قطعنا به.

قوله: لو نفينا ما لم يوجد دليل ثبوته، لزمنا نفي ما لا نهاية له، ولو أثبتنا وجود ما لا دليل على نفيه، لزمنا إثبات ما لا نهاية له.

قلنا: نحن لا (٣) ندعي أن الاستدلال بعدم دليل النفي على الثبوت (٤) طريقٌ مستقيمٌ، بل نقول: إنه لا فارق في العقل بين الاستدلال لعدم دليل الثبوت على النفي وبين الاستلال بعدم دليل النفي على الثبوت، ولكن ذاك محالٌ لوجوه: منها ما ذكرتم أنه يلزم منه إثبات ما لا نهاية له، فيكون ما ذكرتموه باطلاً، وهذا إنما يتمشَّى لو دلَلْنَا على أنه يلزم من أحدهما الآخر، أما لو لم يدل


(١) ساقطة من (ب).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ش): ثبوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>