للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعجبُ من قوم يدَّعون فرط الذكاء، وبُعْدَ الغايات في التدقيق لم يعرفوا أن الله اللطيف الخبير علاَّم الغيوب يجوز أن يُدرك في (١) اختلاف المتماثلات في إدراكنا ما لا نُدركه، وكيف (٢) لا يكون إدراكه يخالف إدراكنا، وعلمه يخالف علمنا، وصفاته (٣) تخالُف صفاتنا في كمالها في حقه ونقصها في حقنا، وأي أمر ساواه فيه (٤) خلقه، وأين نفي التشبيه (٥) الذي تدعي الخصوم المبالغة فيه؟ وما ألجأهم إلى تشبيه الله تعالى بخلقه الضعفاء في صفة الإدراك، وأوقعهم (٦) فيه؟ وقد ثبت أن من قال في علم الله أو قدرته أو غيرهما من صفات الله المحكمة: إنها مثل صفاتنا، فهو كافرٌ مشبِّهٌ بإجماع المسلمين (٧)، فليحذر في (٨) ذلك، والقائل (٩) بأن إدراكه لاختلاف المختلفات وتماثل المتماثلات لا يصحُّ أن يزيد على إدراكنا قطعاً (١٠) - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً (١١)، وما زال المسلمون يُنزِّهون الله تعالى عن ذلك (١٢). ومن الدائر بينهم قول القائل:

يا من يرى مدَّ البَعُوض جَنَاحَهَا ... في ظُلمةِ الليل البهيمِ الأليَلِ

ويرى نِياطَ عُرُوقِهَا في سَاقِهَا ... والمُخ في تلك العظام النحل (١٣)


(١) في (ب) و (ش): من.
(٢) في (ش): وكذلك.
(٣) في (ب) و (ش): وجميع صفاته.
(٤) في (ش): في.
(٥) في (ب): الشبيه.
(٦) في (ش): ووافقهم.
(٧) في (ش): بالإجماع.
(٨) ساقطة من (ب) و (ش).
(٩) في (ب) و (ش): القائل.
(١٠) ساقطة من (ش).
(١١) في (ب): عن ذلك.
(١٢) جملة " ينزهون الله تعالى عن ذلك " ساقطة من (ش).
(١٣) أنشدهما الزمخشري في " الكشاف " ١/ ٢٦٥ في تفسير قوله تعالى: {إن الله لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>