للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا من أنكر ذلك، فليس لهم إلاَّ حجتان: عقلية وسمعِيَّة:

أمَّا العقلية. فاعتقادهم إن ذلك يؤدي إلى ثبوت الجهة لله تعالى، وأن ثبوتها يؤدِّي إلى التجسيم، وأن الأجسام متماثلة، وأنه يجب في كل مثلين أن يشتركا في كل ما يجب ويجوز ويستحيل.

وأمَّا السمعية: فما اتفق الجميعُ عليه (١) من ورود السمع بنفي التشبيه والتمثيل.

وأمَّا (٢) طوائف المخالفين لهم: فإن منهم من وافقهم في صحِّة الحجَّة العقلية، ونازعهم في لزومها لنفي الرُّؤية، وهم طائفة من متكلِّمي أهل السُّنَّة كالأشعرية، فإنَّهم اعتقدوا صحَّة الجمع بين نفي الجهة وصحَّة الرؤية، وجعلوا ذلك مثل ما أجمعوا (٣) عليه هم والمعتزلة من صحة الجمع بين نفي الجهة عن الله تعالى وصحَّة وجوده. ولهم في ذلك مباحثٌ دقيقةٌ ومعارضاتٌ طويلةٌ، وهي معروفةٌ في كتب الكلام، فلا نُطيلُ بذكرها، حتَّي قال الرازي في كتابه " الأربعين في أصول الدِّين ": إنَّ مرادهم بالرؤية صفةٌ تنكشِفُ لله تعالى في الآخرة، وهي (٤) بالنِّسبة إليه كالرُّؤية بالنسبة إلى غيره.

وقال الشهرستاني في " الملل والنحل " (٥) في الكلام على الاجتهاد أوّل القول في الفروع، ما معناه: إن الرؤية عند من أثبتها من متكلمي الأشعرية إدراكٌ أو علمٌ مخصوصٌ. وهذا يخالِفُ كلام أهل الأثره وحاصل كلامهم أن الرُّؤية غير مكيفةٍ كالمرئي سبحانه، وعند أهل الأثر: أن الرؤية مكيفةٌ، ولكن


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): فأما.
(٣) في (ب): اجتمعوا.
(٤) في (ب): هي.
(٥) ١/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>