للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى بحروفه من " الضياء " وهو من كتب الخصوم في علم اللغة، وهذا معنى مشهور.

وقد ذكر ابن الأثير في " النهاية " (١) ما ورد فيه من الحديث والآثار. وليس الظلم بهذا المعنى من صفات النقص القبيحة عقلاً وشرعاً كالكذب، فيجوز أن تعذيب (٢) من لا ذنبَ له لحكمةٍ خَفِيَتْ عليه مما يُسميه الجاهل بالحكمة ظُلماً، وتنزَّه الرب عزَّ وجلَّ عن ذلك، وإن لم يكن قبيحاً عقلاً كما يتزَّه من خلف الوعيد من غير تأويل لِشَبهِه بخُلف الوعد مع أنه في الوعيد يُسمَّى حسناً عقلاً، وانعقد الإجماع على استحبابه شرعاً فيمن حلف على (٣) يمين، فرأي غيرها خيراً منها، وقد قرَّرت ذلك في غير هذا الموضع.

ولو سلم، فمفهوم (٤) ممكن حمله على عوائدهم وتسميتهم ذلك ظلماً في أفعال أمثالهم ممن لم يتميَّز بعلم غيبٍ ولا زيادة حكمة، ألا تراه عزّ وجلّ لا يُسَمَّى ظالماً بإيلام من لا ذنب له من الصغار والبهائم، وله المثل الأعلى.

ويوضحه قوله: {وما كُنَّا مُهلِكي القُرى إلاَّ وأهْلُها ظالمون} [القصص: ٥٩] وهذا في هلاكها في الدنيا والذي (٥) يحسن من الله تعالى بغير ذنب بالإجماع.

فدلَّ على أن الله عز وجل يحبُّ زيادة الحجة والعذر في الأمر الحسن ليزيده حُسْناً في عُرف الخلق، ويقطع به أعذار الجاهلين.

وأوضح منها في هذا المعنى وأصرح قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض


= عادَ الأذِلَّةُ في دارٍ وكان بها ... هُرْتُ الشَّقاشقِ ظَلاَّمونَ للجُزرُ
ودار: اسم موضع.
(١) ٣/ ١٦١ - ١٦٢.
(٢) في (ش): يعذب.
(٣) في (٤): عن.
(٤) في (أ): " فمفهوم "، وهو خطأ.
(٥) في (أ): الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>