للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ضعف ذلك المعنى في حق المؤمنين لاعترافهم بفضل الله وعدله وحكمتِه، صرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في حقِّ جزاء أعمالهم، وأخبرهم أنهم لا يدخلون الجنة إلاَّ برحمة الله، وهي الحكمة السابقة، وقطع بنفي تأثير أعمالهم في ذلك في حقيقة الأمر، كما اتفق أهل علم الحديث على صحته، وشهد له من القرآن آياتٌ كثيرة، كما يأتي في آخر هذه المباحث في الوهم الثلاثين.

وبالغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى حتى صرح أنه عليه الصلاة والسلام لا يدخل الجنة بعمله إلاَّ أن يتغمَّدَه الله برحمته (١).

ومن ثم (٢) جاءت أحاديث (٣) كثيرة مصرحة بأن كل أحد يأتي يوم القيامة وله ذَنْبٌ، إن شاء الله عذبه، وإن شاء عَفي عنه. سيأتي ذكرها وطرقها قريباً.

ويشهد له ما في حديث الشفاعة في " الصحيحين " من غير وجهٍ أن كل نبي غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بذنبه، ويخاف على نفسه، ويقول: نفسي نفسي إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِمَا ثبت من الغُفران المطلق له فيما تقدَّم وتأخر (٤).

ويشهد لذلك حديث عائشة عنه - صلى الله عليه وسلم -: " من حُوسِبَ عُذِّبَ " أخرجاه (٥).


(١) تقدم تخريجه ١/ ٢٥٦ بلفظ: " قاربوا وسددوا .. ".
(٢) في (ش): ثمت.
(٣) في (ش): الأحاديث.
(٤) أخرجه من حديث أنس: البخاري (٤٤٧٦) و (٦٥٦٥) و (٧٤١٠) و (٧٥١٠) و (٧٥١٦)، ومسلم (١٩٣).
وأخرجه من حديث أبي هريرة: البخاري (٣٣٤٠) و (٣٣٦١) و (٤٧١٢) ومسلم (١٩٤).
وجاء أيضاً من حديث أبي بكر، وحذيفة، وابن مسعود. وانظر للتوسع في تخريجها " صحيح ابن حبان " (٦٤٦٤) و (٦٤٦٥) و (٦٤٧٦).
(٥) أخرجه أحمد ٦/ ٤٧ و٤٨ و١٠٨ و١٢٧ و٢٠٦، والبخاري (١٠٣) و (٤٩٣٩) و (٦٥٣٦) و (٦٥٣٧)، ومسلم (٢٨٧٦)، وأبو داود (٣٠٩٣)، والترمذي (٧٣٢٦) و (٧٣٧٠) و (٧٣٧١) و (٧٣٧٢)، والقضاعي في " مسند الشهاب " (٣٣٨)، والحاكم ١/ ٥٧ و٢٥٥ و٤/ ٢٤٩، والبغوي في " شرح السنة " (٤٣١٩)، وفي " تفسيره " ٤/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>