للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا عَلِمَ الآمرُ بأن المأمور به لا يحصلُ قطعاً، ولا يتجدَّدُ ولا يتخصص، فيستحيل أن يُريده، فإنها تُوجد حينئذٍ ولا متعلق بالممكن (١) لها، وتتعلق ولا أثر لتعلقها، وذلك مُحالٌ، ولو كانت الإرادة من خاصيتها أن تتعلق بالممكن فقط كالقدرة، لكان جائزاً أن تتعلق بخلاف المعلوم.

ومن العجب أنَّ متعلق القدرة أعمُّ من متعلق الإرادة، فإن الممكن الجائز هو (٢) جائز متعلق بالقدرة، والمتجدد من جملة الممكنات متعلق الإرادة، والمتجددُ أخصُّ من الممكن.

قلت: بيان ذلك أن الأصل أن يكون الأمر غير مخالف للعلم ولا للإرادة، لكن قد ورد بخلاف العلم إجماعاً، وهو خلاف الأصل.

فإن قيل: فما الوجه في وروده على خلافِ الأصل حيث يكون على خلاف العلم والإرادة؟

قلت: الوجه أن الأمر في الغالب يكون طلباً لحصول المأمور به كأمر من عَلِمَ الله تعالى أنه يمتثل فيجب أن يكون على وَفْقِ العلم والإرادة، وقد يكون الأمرُ (٣) على جهة الابتلاء وإقامةِ الحجة، وهو نوعان:

أحدهما: وهو الأقل أمر من علم الله أنه يُطيعُ ليبتلى بالعزم على ذلك لا (٤) ليفعله، مثل أمر الخليل عليه السلام بذبح ولده عليه السلام على أصحِّ القولين، وهو مقرَّرٌ في الأصول.

وقد قيل: إن منه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء (٥) بخمسين صلاة، ونُسخَ ذلك عنه قبل التمكُّن من فعله.


(١) ساقطة من (أ).
(٢) في (أ): ممن هو.
(٣) في (أ): العلم.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): ليلة أسرى به.

<<  <  ج: ص:  >  >>