للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعوا أن خلود أهل النار فيها إلى غير غايةٍ أصلح ما في معلوم الله تعالى لهم ومقدوره، وهذا خروجٌ عن المعقول والمنقول، فنسأل الله العافية عن مثل هذه البدع التي تبلغ بأهلها في الجهالات إلى هذه الغاية، هذا مع اعتقادهم أنهم أئمة المعارف والدِّراية.

وأما البصرية من المعتزلة، وهم الجُبَّائية والبَهْشمية (١) نسبةً إلى أبي علي الجُبَّائي وابنه أبي هاشم (٢)، فإنهم يقولون: ذوات كل الأشياء ثابتة فيما لم يزل مع قِدَم (٣) الرب جل جلاله، وما كان من هذه الثوابت في الأزل من أفعال العباد فليس بمقدورٍ لله تعالى (٤) إلى أمور كثيرة يخرجونها من القدرة بهذه الحيلة.

فيقال (٥) لهم: من (٦) قال: الفلسفي والباطني إنه لم يخالف في قدرة الله تعالى على الممكنات، ولكنه يعتقد أن حياة الموتى محال لشبهه بالمحالات العادية، كما هو اعتقاد المعتزلة في إحالة إحياء الجماد من غير بيِّنةٍ مخصوصة، ولا مستند لهم إلاَّ شبه ذلك بالمحالات العادية، وقطعهم أنه منه، فإن كَفَّروا الباطنيَّ بمصادمة النصوص المعلومة بالضرورة من الدين لما جاء به من التأويلات، كان له أن يُعارِضَهم بمثل ما عارضوا به أهل السنة، ولأهل السنة أن يجيبوا عليهم بمثل ما أجابوا به على الباطني، وإن كَفَّروا الفلسفي بذلك، كان لأهل السنة أن يعارضوهم بمثله.

فإن قيل: وأي فرق بين الضرورة العادية وما يشبهها.

قلنا: وجهان:

أحدهما: فقد العلم عند الإصغاء إلى جانب الشك، وهذا هو المعتمد.


(١) في (ش): والبهاشمة.
(٢) تقدمت ترجمتهما في ٢/ ٣١٨.
(٣) تحرفت في (ش) إلى: قدر.
(٤) انظر " الفرق بين الفرق " ص ١٩٧.
(٥) في (أ): فقال.
(٦) في (ش): متى.

<<  <  ج: ص:  >  >>