للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يملأ بهم جهنم، لأنهم لا يتمكنون معه من الكفر الموقع في ذلك.

فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن الإكراه وإن منعهم فعل القبيح، وما يترتب عليه من العذاب، فإنه لا يمنعهم استحقاق العذاب على ترك الواجب الذي منه التوحيد وشكر المنعم، لأن الإكراه على فعل الواجب لا يسقط وجوبه ممن لم يكن فاعلاً له لولا أُكْرِهَ عليه.

وإنما قلنا هذا، لأن الآيات نزلت في حق المكلفين الذين ثبت وجوب الواجبات عليهم، وأما إكراه من ليس بمكلَّفٍ، فلا يُسمى إكراهاً، وإنما يقال: إنهم لم يكلَّفُوا ألبتة.

ثانيهما: أن هذا إنما يتمشى لو سلم على مذهب أهل السنة، لا على طريقة المعتزلة، وذلك أنهم يقولون كلهم بوجوب الأصلح في الدين، فهذا التأويل يُبْطِلُ قولَهم، فإنَّ الأصلح في هذه الصورة أن يُكْرَهوا على الهدى ليَنْجُوا من العذاب، فإن (١) لم يُثابُوا، وقد دلت الآية على أنه ممكنٌ مقدور عليه، فتخلُّفه يرُدُّ عليهم قاعدتهم ردّاً صريحاً، وإن أحالوا حسن هذه الصورة على حكمةٍ لا نعلمها (٢) فهذا بعينه عمدة أهل السنة في تقرير السمع على ما هو عليه.

وأي فرقٍ بين الصورتين مع السلامة من ارتكاب وجوهٍ من التأويل يغلب على الظن أو يتحقق بطلانها.

فإذا ثبت سقوط هذا التأويل، فإنه يقتضي نفي المشيئة في شمول الهدى لجميع الناس هدىً ينتفعون به، ويسمون به مهتدين، ويستحقون به النعيم


(١) في (ش): وإن.
(٢) في (ش): لا يعلمها إلاَّ الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>