للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، ثم على رُسُلِه الكرام عليهم السلام، وجاء سؤالهم وجوابه في كتاب الله تعالى، وأفحم الله تعالى المشركين وأسكتهم، فما فَهِمَتِ المعتزلة.

فالعجب منهم مع دعواهم للنظر الدقيق كيف حسبوا أن الله كرَّر شُبَهَ المشركين وقرَّرها وأجابها عليهم بجوابٍ غير مقنع، ولنذكر الآيات الواردة في ذلك، وهي ثلاثٌ.

الأولى: قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [النحل: ٣٥ - ٣٧].

وهذه أبين الآيات وأبعدها من الاشتباه، وقد بيَّن الله سبحانه أن شُبَهَهُم (١) هذه من قبيل قول الخوارج: لا حكم إلاَّ لله، وجوابهم من قبيل قول علي عليه السلام: إن هذه كلمة حقٍّ يُراد بها باطل (٢).


(١) في (ش): شبهتهم.
(٢) أخرج مسلم (١٠٦٦) (١٥٧)، والنسائي في " الخصائص " (١٧٧)، والفسوي ٣/ ٣٩١ - ٣٩٢، وابن حبان (٦٩٣٩)، والبيهقي ٨/ ١٧١ من طرق عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن بُسر بن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي، فقالوا: لا حكم إلاَّ لله، فقال علي رضي الله عنه: كلمة حق أُريد بها باطل، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف أناساً إني لأعرف وصفهم في هؤلاء، " يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم -وأشار إلى حَلْقه- من أبغض خلق الله إليه، فيهم أسود إحدى يديه حلمة ثدي " فلما قتلهم علي رضي الله عنه قال: انظروا فنظروا فلم يجدوا، فقال: ارجعوا، فوالله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ، مرتين أو ثلاثاً، ثم وجدوه في خَرِبة، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه، قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>