للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعضُدُ هذه الأحاديث قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: ٢١]، وقوله تعالى: {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: ٦٤]، وقوله: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: ١٧]، وقال يوسف عليه السلام -مع عصمة النبوة- {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: ٣٣] وأمثالها.

فثبت أن ابتداء التكليف في الأشقياء هو حال الفطرة، ثُمَّ التخلية بينه وبين نفسه بعد التمكين وإقامة الحجة ببلوغ الدعوة النبوية، وظهور المعجز مع الفطرة التي خُلِقَ عليها، وهذا القَدْرُ وحده هو الذي سمَّاه الله هُدىً في قوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: ١٧] وهو الذي سماه الله حجة في قوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥].

ولكن دلَّ ما قدمنا الآن على أن الله إذا وَكَلَ العبد إلى نفسه حينئذٍ لم يكن منه إلاَّ اختيار الضلال ما لم يتفضل الرب بما لا يجب في حكمة الله المساواة فيه بين جميع خلقه من الألطاف الزائدة على التمكين، وعلى الفطرة، وإقامة الحجة، وسبق الإرادة عند أهل السنة غير مانع من الاختيار، مثل سبق العلم عند الجميع، بل مثل سبق العلم والإرادة معاً عند الجميع في أفعال الله تعالى.


= وعبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عون بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من قال: اللهم فاطر السماوات والأرض ... فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ... " قال سهيل: فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عوناً أخبر بكذا وكذا، قال: ما في أهلنا جارية إلاَّ وهي تقول هذا في خدرها.
وذكره الهيثمي في " المجمع ١٠/ ١٧٤ وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلاَّ أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>