للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أبو موسى الأشعري، بَعَثهُ -عليه السلام- إلى اليمن والياً وقاضياً (١). وسيأتي -لهذه الجملةِ- مزيدُ بيان، إن شاء الله تعالى؛ عند ذكر بعض شروط الاجتهاد، فإن ذلكَ موضعها. وإنما ذكرت ها هنا لبيان تيسيره -عليه السلام- في الأمور -صغيرِها وكبيرِها- مِن غير ترخيصٍ في حرامٍ، ولا تضييعٍ لواجب.

ومن ذلك: أنه -عليه السلام- نهي أصحابَهُ عن انتهار الأعرابي الذي بال في طائفةِ المسجد، وقال: " إنَّ منكم مُنَفِّرين " (٢). وتَغيَّظَ -عليه السلامُ- على معاذٍ واشْتَدَّ تغيُّظه عليه، وقال: " أفَتَّانٌ أنتَ يا معاذ " (٣)؟ لَمَّا طوَّلَ الصلاة بقومهِ حتى شكى عليه رجلٌ منهم.


= شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة ١١٦ هـ، ولم ينقل أهل الشأن جرحاً مفسراً في حقه، ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالته وقبول روايته أن لا يثبت فيه جرح مفسر عن أهل الشأن لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة، فمن لم يثبت فيه جرح مؤثر منهم، فهو مقبول الرواية، والشيوخ الذين روى عنهم هم من أصحاب معاذ، وليس أحد من إصحاب معاذ مجهولاً ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن جماعة، ولا يدخله ذلك في حيز الجهالة، وإنما يدخل في المجهولات إذا كان واحداً، فيقال: حدثني رجل أو إنسان، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل وبالصدق بالمحل الذي لا يخفى، وقد خرج الإمام البخاري (٣٦٤٢) الذي شرط الصحة حديث عروة البارقي: سمعت الحي يتحدثون عن عروة، ولم يكن ذلك الحديث في جملة المجهولات، وقال مالك في القسامة ٢/ ٨٧٧: أخبرني رجال من كبراء قومه، وفي صحيح مسلم (٩٤٥) عن الزهري: حدثني رجال، عن أبي هريرة " من صلى على جنازة فله قيراط ".
(١) أخرجه البخاري (٤٣٤١) و (٤٣٤٢) و (٤٣٤٥) ومسلم (١٧٣٣) وأحمد ٤/ ٣١٢ و٤١٧، والطيالسي (٤٩٦) والبغوي (٢٤٧٦) عن أبي موسى الأشعري، وفيه أنه بعث معاذاً معه.
(٢) تقدم تخريجه في الصفحة ١٧٣.
(٣) أخرجه البخاري (٧٠١) و (٧٠٥)، ومسلم (٤٦٥)، والشافعي ١/ ١٣٢ وأحمد ٣/ ٢٩٩ و٣٠٨ و٣٦٩، وأبو عوانة ٢/ ١٥٨، والطيالسي (١٧٢٨) وابن الجارود (١٦٥) و (١٦٦) والبغوي (٥٩٩) من طرق عن جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>