للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهلُ السنة: ختم الله على قلوبهم بالكفر.

وقال الشيخُ الصالح العارف شهاب الدين السُّهْرَوَرْدِي الصوفي في كتابه " عوارف المعارف " (١) في الباب الثامن والعشرين ما لفظه: ومن أولئك قوم يزعمون أنهم (٢) يغرقون في بحار التوحيد، ولا يثبتون لأنفسهم حركةً ولا فعلاً، ويزعمون أنهم مجبورون على الأشياء، وأن لا فعل لهم مع الله تعالى، ويسترسلون في المعاصي، ويركنون إلى (٣) البطالة والاغترار بالله تعالى، والخروج عن الملة، وترك الحدود والأحكام والحلال والحرام.

وقد سُئِلَ سَهلٌ عن رجلٍ يقول: أنا كالباب لا أتحرك إلاَّ إذا حُرِّكْتُ، فقال: هذا لا يقوله إلاَّ صِدِّيقٌ أو زنديق، لأن الصِّدِّيق يقول هذا (٤) إشارةً إلى أن (٥) قِوام الأشياء بالله مع إحكام الأُصول، ورعاية حقوق العبودية، والزنديق يقول ذلك إحالةً للأشياء على الله تعالى، وإسقاط اللائمة عن نفسه، وانخلاعاً من الدين ورسمه.

وقد تقدم كلام الخطابي في تفسير القضاء والقدر، وتصريحه فيه بنفي الجبر، وقد نقله عنه بلفظه النواوي في " شرح مسلم " (٦)، وابن الأثير في " جامع الأصول " (٧).

وقد بالغ شيخ الإسلام العلامة أبو العباس أحمد بن تيمية الحنبلي رحمه الله في ذم الجبرية في جميع مصنفاته التي يعرض فيها ذكرهم، ومن أخصِّ ما له في ذلك كلامه في رسالته المعروفة "بالفرق بين الأحوال الربانية والأحوال


(١) ص ٧٢، وهو في الباب التاسع منه.
(٢) " يزعمون أنهم " سقطت من (أ) و (ش) و (ف)، واستدركت من " العوارف ".
(٣) " إلى " سقطت من (أ) و (ش)، وقد تصحف فيهما " ويركنون " إلى: ويركبون.
(٤) في (أ): هذه.
(٥) " أن " لم ترد في (أ) و (ش) و (ف).
(٦) ١/ ١٥٤ - ١٥٥.
(٧) ١٠/ ١٠٤ - ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>