للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجرحه. وقد ذهب المنصورُ بالله -عليه السلام- إلى مثل كلام ابنِ عبدِ البر، بل إلى أوسعَ منه، فإنه قضى بقبولِ مَنْ ظاهِرُه السلامة. ذكرَ ما يقتضي ذلك في كتابه " هداية المسترشدين "، وكذلك عبدُ الله بنُ زيدٍ ذكَرَ مِثلَ ذلك في " الدرر المنظومة " وهو الذي أشار السيد أبو طالب إليه في كتاب " جوامع الأدلة " في الأصول، وتوقف فيه في " المجزي " وذكر أنه محل نظر، وحكاه المنصورُ باللهِ في " الصفوة " عن الشافعي، وهو مذهبُ الحنفية بأسرهم. والدليلُ على ما ذكرنا الأثَرُ والنَّظَرُ، أما الأثر، فقد وردت في ذلك آثار:

الأثرُ الأول: ما احتج به ابنُ عبد البرِّ في هذه المسألة، وهو قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " يَحْمِلُ هذَا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ " (١) وهو حديث مشهور صححه ابنُ عبد البرّ، ورُوي عن أحمد بن حنبل أنه قال: هو حديثٌ صحيح. قال زينُ الدِّين (٢): وفي كتاب " العلل " للخلاَّل أن أحمد سُئِلَ عنه، فقيل له: كأنه كلامُ موضوع؟ فقال: لا، هو صحيح. فقيل له: ممَّن سمعتَه؟. فقال: مِنْ غيرِ واحدٍ، فقيل له: من هم؟ قال: قد حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن [مُعان عن] (٣) القاسم بنِ عبد الرحمن.


(١) وتمامه " ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين " والتحريف: التغيير، والغالي: من غلا في الأمر غلواً: جاوز حدُهُ، والانتحال من قولهم: انتحل الشيء، أي: ادعاه لنفسه وهو لغيره، والمبطل من أبطل: إذا أتى بغير الحق. ومعنى الحديث: يُبعدون عنه تغيير من يُفسره بما يتجاوز فيه الحدَّ، فيخرج به عن قوانين الشرع، وادعاء من يدعي فيه شيئاً يكون باطلاً لا يُوافق الواقع، وكأنه يثير بالجملة الأولى إلى من يغير تفسير الأحاديث النبوية تعمداً أو تلبيساً، وبالثانية إلى من يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه بادعائه لحديث لم يحدث به ولا سمعه ينتحل باطلاً.
(٢) في التقييد والإيضاح: ١٣٩.
(٣) ما بين حاصرتين سقطت من الأصل ومن تنقيح الأنظار للمؤلف، وهي موجودة في =

<<  <  ج: ص:  >  >>