للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضٍ في تظالمها، لم تجب منازعته، ولا الخروج عليه، لأن في الخروج عليه استبدال الأمن بالخوف وإراقة الدماء، وشنِّ الغارات، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جَوْرِه وفسقه، والنظر يشهد أن أعظم المكروهين أولاهما بالتَّرك، وأجمع العلماء على أن من أمر بمنكرٍ، فلا يُطاع. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا طاعةَ إلاَّ في المعروف " (١)، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]. انتهى.

وقال شيخُ الإسلام عموماً، وشيخ الشافعية خصوصاً تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في كتابه في " رفع اليدين في الصلاة ": قال الذهبي في " الميزان " (٢) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي الموال: إنه ثقةٌ مشهورٌ، خرج مع محمد بن عبد الله، من رجال البخاري في " الصحيح "، وحكى عن أحمد بن حنبل أنه لا بأس به، وعن (٣) ابن عدي: أن حديثه مستقيمٌ.

وقال ابن حجر في مقدمته في " شرح البخاري " (٤) وثقه ابن معين، والنسائي وأبو زُرعة.

إلى هنا انتهت الزيادة، وليست مناسبةً لما نحن فيه.

وقال الذهبي في " الميزان " (٥): عبد الملك بن مروان بن الحكم: أنَّى له العدالةُ، وقد سفكَ الدِّماءَ، وفعل الأفاعيل؟!

فإذا عرفت هذا، تبين لك أنهم لا يعيبون على من خرج على الظلمة، لأن جوازه منصوصٌ عليه في كتب فقههم، ولو كان ذلك محرَّماً عندهم (٦) قطعاً، لم


(١) رواه ابن حبان (٤٥٦٧) من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: " إنما الطاعة في المعروف ". وانظر تمام تخريجه فيه.
(٢) ٢/ ٥٩٢ - ٥٩٣.
(٣) في (ش): " وعنده ". وهو خطأ.
(٤) ص ٤١٩.
(٥) ٢/ ٦٦٤.
(٦) في (ش): عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>