للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

في بيان أن من منع الخروج على الظلمة استثنى من ذلك من فَحُشَ ظُلمه، وعَظُمَتِ المفسدة بولايته، مثل يزيد بن معاوية، والحجَّاج بن يُوسُف، وأنه لم يقُل أحدٌ ممن يُعْتَدُّ به بإمامة من هذا حاله، وإن ظن ذلك من لم يبحث من ظواهر بعض إطلاقهم، فقد نصوا على بيان مُرادهم، وخصُّوا عُموم ألفاظهم، ويظهر ذلك بذكر ما أمكن من نصوصهم.

فمن ذلك ما نقله لي شيخي النَّفيس العلوي -أدام الله عُلُوَّه- عن إمام مذهب الشافعية الجويني، فإنه قال في كتابه " الغياثي " (١)، وقد ذكر أن الإمام لا ينعزل بالفسق ما لفظه: وهذا في نادر الفِسق، فأما إذا تواصل منه العِصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السَّداد، وتعطَّلت الحقوق، وارتفعت الصِّيانة، وَوضُحَتِ الخيانة، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم، فإن أمكن كفُّ يَدِهِ، وتولية غيره بالصفات المعتبرة، فالبدار البدار، وإن لم يمكن ذلك، لاستظهاره بالشوكة إلاَّ بإراقة الدماء، ومُصادَمَة الأهوال، فالوجه أن يُقاس ما الناس مندفعون إليه، مُبْتَلُون به (٢) بما يعرض وقوعه، فإن كان الواقع الناجز أكثر مما يُتَوَقَّع، فيجب احتمال المتوقَّع، وإلا فلا يسُوغُ التشاغل بالدفع، بل يتعين الصبر والابتهال إلى الله تعالى. انتهى بحروفه.


(١) ص ١٠٥ - ١١٠.
(٢) " به " ساقطة من (د) و (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>