للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبراً". رواه البخاري ومسلم (١).

ويعضد هذه الأحاديث ظاهر القرآن في طاعة أُولي الأمر، لأن الجائر منهم لغة، والقرآن نزل عليها، ومن فسَّر بخلافها، فعليه الدليلُ.

ويمكن التَّوسُّطُ، فنقول: لا شك في طاعة أولي (٢) الأمر الذين اجتمعت عليهم جماعة المسلمين، وعملوا بكتاب الله، وفي نحو هذا نزلت الآية، ولسبب النزول أثرٌ في التفسير كما بين في موضعه، ويقاتلهم الذين يجوز قتالهم بلا شك، وهم الذين تركوا الصلاة، وأظهروا كفراً بواحاً، كما ورد في الأحاديث، وما بينهما محل نظر، وكل مجتهدٍ في ذلك مصيبٌ إن شاء الله.

ومما يخصُّ عمومات القرآن وأحاديث الفقهاء حديث أم سلمة: " إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتُنكرون، فمن كَرِهَ، فقد برىء، ومن أنكر، فقد سَلِمَ، ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا ما صلُّوا " (٣). أي: من كره بقلبه، وأنكر بقلبه (٤) كذا عند مسلم، فلم يوجب في هذا طاعتهم (٥)، بل حرم قتالهم (٦) فقط، وحكم بالنجاة لمن كره وأنكر.

وروى مسلم وغيره من ستِّ طرقٍ عن عرفجة الأشجعي أنه سمعه - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من أتاكم وأمركم جميعٌ يريد أن يَشُقَّ عصاكم، ويفرِّق جماعتكم، فاقتلوه " (٧).


(١) أخرجه البخاري (٧٠٥٣) و (٧٠٥٤) و (٧١٤٣)، ومسلم (١٨٤٩)، وأحمد ١/ ٢٧٥.
(٢) " أولي " ساقطة من (ف).
(٣) أخرجه مسلم (١٨٥٤)، وأبو داود (٤٧٦٠)، والترمذي (٢٢٦٦)، وأحمد ٦/ ٢٩٥ و٣٠٢.
(٤) قوله: أي: من كره بقلبه ... هو قول ابن الأثير كما في " جامع الأصول " ٤/ ٦٩.
(٥) في (ف): " قتالهم ".
(٦) في (ف): " طاعتهم ".
(٧) أخرجه أحمد ٤/ ٢٦١ و٥/ ٢٣ - ٢٤، ومسلم (١٨٥٢)، وأبو داود (٤٧٦٢)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>