للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأورد النواوي في كتاب " رياض الصالحين " (١) حديث: " اللهمَّ اجعل رزق آلِ محمَّدٍ قوتاً "، وفي رواية: " كفافاً ". ورواه البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي هريرة (٢)، ولكنه أغرب في تفسيره، فقال: إنَّ القوتَ: سدُّ الرَّمَقِ، وليس كذلك، وإنما القوت كفاية الحاجة، كذا أو نحوه في " صحاح " الجوهري (٣)، ويدلُّ عليه الرواية الأخرى: " اللهم اجعل رزق آلِ محمدٍ كفافاً "، ولا شك أن الكفاف، وكفاية الحاجة هو المقصود بالمعنى، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره الزيادة في الغنى.

وبالجملة، فما لم يعارض الأخبار المتَّفق على صحتها، فلا إشكال فيه، وما عارضها لم يَحِلَّ ترجيحُه عليها، وهي أقوى منه إجماعاً، فأما ما ورد في فضلِ الفقراء، فصحيحٌ، ولكن لا يُناقضُ هذا، فإنه من قبيل الأعواض على البلاوي، وليس يلزم المكلف البلوى ويسألها، لما فيها من العوض (٤)، ولهذا لم يَرِدْ في الحديث سؤالُ المرض والجُذام والعمى ونحو ذلك، بل جاء في الحديث: " سؤال العافية في الدنيا والآخرة " (٥) وإن كانتِ البلوى في الآخرة أكثر


= القاري في " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " ص ٢٥٤، ونقلوا عن الحافظ ابن حجر قوله: هو باطل موضوع.
(١) ص ٢٥٤.
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٤٤٦ و٤٨١، والبخاري (٦٤٦٠)، ومسلم (١٠٥٥)، والترمذي (٢٣٦١)، وابن ماجه (٤١٣٩)، وابن حبان (٦٣٤٣) و (٦٣٤٤).
(٣) ١/ ٢٦١.
(٤) في (ف): " الأعراض ".
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٢٤٠، وأحمد ٢/ ٢٥، والبخاري في " الأدب المفرد " (١٢٠٠)، وأبو داود (٥٠٧٤)، وابن ماجه (٣٨٧١) عن عبد الله بن عمر، قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي. اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي " وصححه ابن حبان (٩٦١)، والحاكم ١/ ٥١٧ - ٥١٨، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>