للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، فإنه ذبَّ على عليٍّ عليه السلام في القصة المتقدِّمة، وقد نقل الحاكم رحمه الله أنه كان ممن خرج مع زيد بن علي عليه السلام.

الوجه السادس: أنه لم يُنقل قطُّ أن الزهري طلب الولاية ولا الإمارة، ولا شكا أحدٌ من أهل الدِّين أن الزُّهري آذاه ولا نافسه في أمرٍ، ولا نُقِلَ أنه ظلم أحداً من الرَّعيَّة، ولا أعان في مظلِمةٍ مع عِظَمِ المنزلة عند الملوك، وطول الصحبة لهم، وهذا دليلٌ على الديانة، فقلَّ من يمتنع من هذه الأمور إلاَّ للعجز وعدم التمكن، فمن تمكن، ولم يُنقل عنه شيءٌ من ذلك مع طول المدة، فهو دليل ديانته ونزاهته.

فبهذه الوجوه السِّتَّة وأمثالها يتضح ما ذكرته من ارتفاعه من مرتبة الأجناد، والله أعلم.

فإن قلت: هذه الأشياء لا تُوجِبُ العلم بنزاهته، وأنت ألزمتنا العلم (١) بأنه أعان على قتل زيد بن علي عليه السلام.

قلت: العلم بالنزاهة لا تجب إلاَّ لو ادَّعينا عصمته، ورفعناه من مرتبة العدول إلى مراتب الأنبياء، وإنما ألزمت السيد اليقين هناك حيث ادعى اليقين، فأخبرته أن الدليل على دعوى اليقين لا يكون (٢) إلاَّ قاطعاً (٣)، ولوِ ادَّعى الظن كما ادعيت، لم أُلزمه ذلك.

واعلم أنه (٤) لا سبيل إلى زوال وساوس النُّفوس بسوء الظنون التي لا مُوجب لها إلاَّ العادة والإلف، ومن اشتهر بالثقة، وأطبق الجِلَّة من التابعين ومن بعدهم على الاحتجاج بحديثه لم يُؤخذ بروايةٍ شاذةٍ أو محتملة، ولو كان مثل هذا يؤثِّر في الثقات المشاهير، لم يكد أحدٌ منهم يسلم إلاَّ من لا يكتفي به في العدالة، فإن الحاجة إلى العدول ماسةٌ في الشهادات والحديث والفتاوى


(١) " العلم " ساقطة من (ش).
(٢) " لا يكون " ساقطة من (ف).
(٣) في (ش): " قطعاً ".
(٤) " أنه " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>