للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسبه بما لم يشاركه الضعيف فيه (١)، ومن ها هنا يحصل خللٌ كثير، وقد بالغ الحُفَّاظ في الاحتراز من هذا الخلل، وصنَّفوا في ذلك كتب العلل.

فهذا آخر وجوه الحامل، ومع إمكانه لا يجوز أن يحكم على الثِّقات بتعمُّدِ الكذب، وهو ممكنٌ غالباً، فإن التدليس قد اشتهر عن كثيرٍ من الثقات، كالحسن البصري، وسفيان الثوري وأمثالهما من الأعلام، فيحتملُ -إن كان لا بد من تكذيبٍ- أن يكونَ الكاذب من دلَّسُوه، وكتموا اسمه، ورَوَوْا عنه مع الجهالة بحاله، إما لأنهم يستحِلُّون الرواية عن المجهول كما هو مذهب جماعةٍ من العلماء كما تقدم بيانه، وإما لأنهم اعتقدوا أن ظاهره العدالة من غير كبير خبرةٍ وطول صُحبةٍ، ولم يكن كذلك في الباطن.

فإن قلت: فما وجه التدليس من الثقة؟

قلت: له (٢) أسبابٌ كثيرةٌ.

منها: أن يكون حديثه عند المدلس صحيحاً، ويخاف إن صرَّح باسمه لا يُقبل، فيدلِّسه لئلاَّ يرد سنة صحيحة عنده.

ومنها: أن يكون في الحضرة من يكره الراوي، ويتناوله بالسب والأذى والغيبة والانتقاص من غير إستحقاقٍ لذلك، فيدلس الراوي اسمه، لئلاَّ يقع في فتنةٍ بذكره، وأمثال ذلك، والله أعلم.

المرتبة السادسة: الحكم بتكذيب الراوي، ولذلك شرطان:

أحدهما: أن يكون راوياً عن غيره (٣) أمراً معلوماً أنه لا يحتمل التأويل.

وثانيهما: أن يكون معلوماً أنه لا يحتمل الخطأ والوهم، فإن لم يكن


(١) " فيه " ساقطة من (ف).
(٢) " له " ساقطة من (ش).
(٣) عبارة " راوياً عن غيره " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>