للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبة الوهم أو غيره إليه. والحكم بالوهم عليهم فيما كان كذلك أولى، لوجهين:

أحدهما: أنه (١) يحصل به الغرض من تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بقاء ما أجمعت الأمة عليه من الرجوع إلى كتب السنن وأحاديث الثقات.

وثانيهما: أن الحكم بتعمد الكذب مما لا دليل عليه، فكان القطع به محرماً لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٩]، ونحو هذه الآية الكريمة ولسائر (٢) ما قدمته من المرجِّحات للتأويل على التكذيب، فخذه من هنالك.

تنبيه: إياك أن تسمع هذا الكلام، فيصرفك عن كتب السنة، واهماً أن حديثها قد اختلط فيه الصحيح بالضعيف، والخطأ بالصواب، فإن مصنفيها أئمة علم الأثر، ونُقَّاد هذا الشأن، وإليهم المنتهى في معرفة فنِّهم. فإذا كان الخطأ في كتبهم، فما ظنك بغيرها، بل هذا يحث الإنسان على الاعتماد عليها، والرجوع إليها، ألا ترى أنك لو وجدت خطأ في " كتاب " سيبويه في العربية، لم تطرح جميع ما رواه في " كتابه " لأجل ذلك، فإنه إذا جاز أن يُخطىء -مع عنايته بالفن- فكيف بمن هو دونه في العناية بفنِّه؟ وهذه إشارةٌ قد حققتُ المقصود منها في آخر مسألة المتأولين عند ذكر الإنصاف والخصيصتين، فخذه هنالك، ولا تقنع فهذا (٣) الكلام في هذا المعنى نافعٌ جداً.

وهذا القدر كافٍ في التمهيد للجواب بإيراد المقدمات.

ولنشرع الآن في الجواب ونتكلم فيه على فصلين: فصل في الجواب الجُمليِّ، وفصل في المعارضات.

فأما الجواب على جهة التفصيل والتحقيق، فهو متعذِّرٌ لوجهين:


(١) في (ش): " أن ".
(٢) في (ش): " وسائر ".
(٣) في الأصول: " بهذا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>